للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْيَقِينِ (١) ، فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ ينجُ فِيمَا يَرَى مِنَ السَّهْوِ الَّذِي يُدخل عَلَيْهِ الشيطانُ، وَفِي ذَلِكَ (٢) آثَارٌ كَثِيرَةٌ.

١٤٣ - قَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ (٣) أَنَّ أَنَسَ بن


حديث ابن مسعود: "فليتحرّ الصواب"، على أن معناه فليتحرّ الذي يظن أنه نقصه فيتمّه (وفي: "فتح الباري" ٣/٧٦، قال الشافعية: هو البناء على اليقين ... إلخ، وهذا المعنى لا تساعده اللغة أصلاً. وذلك حيث قال العلامة الفتني: التحري القصد والاجتهاد في الطلب، والعزم على تخصيص الشيء والقول، "مجمع بحار الأنوار" ١/٥٠١) ، فيكون التحري أن يعيد ما شك فيه ويبني على ماستيقن، وأصحابنا سلكوا مسلك الجمع بين الأحاديث بدون صرف إلى الظاهر، فإن بعضها تدل على البناء على الأقل مطلقاً، وبعضها تدل على تحري الصواب، فحملوا الأولى على ما إذا لم يكن له رأي. والثانية على ما إذا كان له رأي، وقد بسطه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"، بأحسن بسط فلْيُراجعْ.
(١) قوله: على اليقين، قد يقال: لا يقين مع الشك، ويُجاب بأن المراد به المتيقَّن، مثلاً إذا شك ثلاثاً صلّى أم أربعاً؟ فالثلاث هو المتيقَّن، والتردد إنما هو في الزيادة. فلا يمضي على المتيقَّن، فإنه إن فعل ذلك - أي الإمضاء على الأقل المتيقَّن - من غير أن يتحرّى ويعمل بغالبِ ظنه لم ينجُ بضم الجيم، أي: لم يحصل له النجاة في ما يرى في ما يذهب إليه من أخذ المتيقن من السهو أي: الاشتباه الذي يُدخِلُ عليه الشيطان، فإنه وإن بنى على الأقل وأتمَّ صلاته بأداء ركعة أخرى، لكن لا يزول منه التردد والاشتباه الذي يُبتلى به كثيراً بوسوسة الشيطان، فيقع في حرج دائم وتردد لازم بخلاف ما إذا تحرّى وبنى على غالب رأية وطرح الجانب الآخر فإنه حينئذٍ يحصل له الطمأنينة، ولا يغلب عليه الشيطان في تلك الواقعة.
(٢) والظاهر أنه إشارة إلى جميع ما ذكر.
(٣) ابن قيس الأنصاري أبو سعيد المدني.

<<  <  ج: ص:  >  >>