هذا خلاصة ما ذكره ابن حجر، فهذه التشهدات المروية مرفوعة أو موقوفة كلها حسنة دالة على كون الأمر موسَّعاً، وقد ذكر ابن عبد البر أنَّ الاختلاف في التشهُّد وفي الأذان والإقامة وعدد التكبير على الجنائز وعدد التكبير في العيدين ورفع الأيدي عند الركوع والرفع في الصلاة ونحو ذلك كله اختلاف في مباح، وبمثله ذكر أحمد بن عبد الحليم بن تيمية في "منهاج السنة" فليُحفَظ. (١) قوله: وعندنا، أي: المختار عندنا تشهُّد ابن مسعود، وعند الشافعي تشهد ابن عباس، وعند مالك تشهد عمر، ولكلٍّ وجوه توجب الترجيح ما ذهب إليه، والخلاف إنما هو في الأفضلية (وقد أجمع العلماء على جواز كل واحد منها، كذا قال النووي في "شرح المهذب" ٣/٤٥٧) كما صرح به جماعة من أصحابنا، ويشير إليه كلام محمد ههنا، فما اختاره صاحب "البحر" من تعيين تشهد ابن مسعود وجوباً وكون غيره مكروهاً تحريماً مخالف الدراية والرواية فلا يُعوَّل عليه. (٢) قوله: لأنه رواه ... إلخ، هذا الوجه إنما يستقيم بالنسبة إلى ما رواه مالك من تشهد ابن عمر وعمر وعائشة موقوفاً وإلا فقد روى غير أبن مسعود أيضاً تشهده عن النبي صلى الله عليه وسلم كما مر بسطه، وهناك وجوه أُخر ترجح تشهد ابن مسعود على غيره، منها: أن حديثه أصح كما قال الترمذي: هو أصح حديث روي في التشهد، وقال البزّار: أصح حديث عندي في التشهد حديث ابن مسعود، روي عن نيِّف وعشرين وجهاً ولا يُعلم روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثبتَ منه ولا أصح إسناداً ولا أشهر رجالاً ولا أشد تضافراً بكثرة الأسانيد، وقال مسلم: إنما اجتمع الناس على تشهد ابن مسعود لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضاً، وغيره قد اختلف أصحابه، وقال