للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُفصل بينهنَّ بتسليم (١) .


إبراهيم قال: بلغ ابن مسعود أن سعداً يوتر بركعة فقال: ما أجزأت ركعة قط. وأخرج الطحاويّ، عن أنس أنه قال: الوتر ثلاث ركعات. وأخرج عن ثابت قال صلّى بي أنس الوتر أنا عن يمينه، وأم ولده خلفنا ثلاث ركعات، لم يسلِّم إلاَّ في آخرهن. وأخرج عن المِسْور، قال: دفنّا أبا بكر، فقال عمر: إني لم أوتر، فقام، فصففنا وراءه، فصلّى بنا ثلاث ركعات، لم يسلِّم إلا في آخرهن. وأخرج عن أبي الزناد عن الفقهاء السبعة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبي بكر بن عبد الرحمن وحارثة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار في مشيخة سواهم: أن الوتر ثلاث، لا يسلم إلاَّ في آخرهن. فهذه الآثار والأخبار كلَّها مؤِّيدة لمذهبنا. ويخالفها آثار أخر، فأخرج الطحاوي عن عبد الرحمن التيمي: وحدتُ حِسّ رجل من خلف ظهري، فنظرت فإذا عثمان بن عفان، فتقدَّم فاستفتح القرآن حتى ختم، ثم ركع وسجد، فقلت: أَوَهِمَ الشيخ؟ فلما صلّى قلت: يا أمير المؤمنين إنما صليتَ ركعة واحدة، قال: أجل هي وِتري. وأخرج أيضاً عن سعد بن أبي وقاص، أنه كان يوتر بركعة. وفي "صحيح البخاري"، عن معاوية وسعيد بن جبير أنه أوتر بركعة. وفي "سنن سعيد بن منصور" أن ابن عمر صلّى ركعتين من الوتر، ثم قال: يا غلام ارحل لنا، ثم قام فصلّى ركعة. والقول الفيصل في هذا المقام أن الأمر في ما بين الصحابة مختلف، فمنهم من كان يكتفي على الركعة الواحدة، ومنهم من كان يصلّي ثلاثاً بتسليمتين، ومنهم من كان يصلي ثلاثاً بتسليمة، والأخبار المرفوعة أيضاً مختلفة بعضها شاهدة للاكتفاء بالواحدة، وبعضها بالثلاث، والكل ثابت، لكن أصحابنا قد ترجَّحت عندهم روايات الثلاث بتسليمة بوجوه لاحت لهم، فاختاروه وحملوا المجمَل على المفصل.
(١) أي: في القعدة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>