للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَفْسِي (١) الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ، قَالَ (٢) : اقْتَادُوا (٣) فَبَعَثُوا رواحلّهم، فاقتادوها (٤)


قبض نفسك، فالباء زائدة أي توفّاها متوفياً به نفسك، قال: وهذا قول من جعل النفس والروح واحداً، لأنه قال في الحديث الآخر: إن الله قبض أرواحنا، فنصَّ على أن المقبوض هو الروح ومن قال: النفس غير الروح تأوَّل قوله أخذ بنفسي أي: النوم الذي أخذ بنفسك. قال النووي: فإن قيل: كيف نام صلى الله عليه وسلم مع قوله: إن عينيَّ تنامان ولا ينام قلبي، فجوابه من وجهين: أصحهما وأشهرهما أنه لا منافاة بينهما، لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلِّقة به، كالحزن والألم وغيرهما، ولا يدرك طلوع الفجر وغيره، وإنما يدرك ذلك العين، والعين نائمة، والثاني: أنه كان له حالان: أحدهما: ينام فيه القلب، والثاني: لا ينام، وهو غالب أحواله، كذا في "التنوير".
(١) قال ابن رشيق: إن الله استولى بقدرته عليَّ كما استولى عليك مع منزلتك، قال: ويحتمل أن يكون المراد أن النوم غلبني كما غلبك.
(٢) قوله: قال: اقتادوا، قال القرطبي، أخذ بهذا بعض العلماء، فقال: من انتبه عن نوم في فائتة في سفر، فليتحوَّلْ عن موضعه، وإن كان وادياً فليخرج عنه، وقيل: هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم.
(٣) قوله: اقتادوا، أي ارتحلوا، زاد مسلم: فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان، قال ابن رشيق: قد علَّله بذلك ولا يعلمه إلاَّ هو، قال عياض: هذا أظهر الأقوال في تعليله.
(٤) قوله: فقتادوها شيئاً، اختلفوا في معنى اقتيادهم وخروجهم من ذلك الوادي، فقال أهل الحجاز تشاءم بالموضع الذي نابهم فيه ما نابهم، فقال: هذا وادٍ فيه شيطان، وذكر وكيع، عن جعفر، عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، فقال لأصحابه: تزحزحوا عن المكان الذي أصابتكم فيه الغفلة. وأما أهل العراق، فزعموا أن ذلك كان لأنه انتبه حين طلوع الشمس، ومن السُّنَّة أن لا يصلي عند طلوعها ولا عند غروبها، كذا في "الاستذكار".

<<  <  ج: ص:  >  >>