للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كعب (١) (٢) ،


(١) قوله: على أبيّ بن كعب، كأنه اختاره عملاً بحديث يؤمُّ القومَ أقرؤهم، وقد قال عمر: أقرؤنا أبيٌّ، ذكره ابن عبد البر وابن حجر، وتبعهما من جاء بعدهما، وقد استخرجت لذلك أصلاً آخر لطيفاً، وهو أنه قد علم أن أُبَيّاً كان يصلي بالناس في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأثنى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأحبّ عمر أن يجمع الناس به، وذلك لما أخرجه أبو داود، عن أبي هريرة: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإذا أناسٌ في رمضان يصلّون في ناحية المسجد، فقال: ما هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء ناسٌ ليس معهم قرآن وأبيُّ بن كعب يصلِّي وهم يصلون بصلاته، فقال: أصابوا، ونِعْمَ ما صنعوا. وقال ابن حجر (انظر فتح الباري ٤/٢٥٢، وبذل المجهود ٧/١٥٩، وحديث مسلم بن خالد مؤيَّد بروايات عديدة كما في الأوجز ٢/٢٩١. وهذا الحديث صريح في أن الصلاة بجماعة كانت شائعة في زمانه صلّى الله عليه وسلّم وليس المراد من جمع عمر الناس على أبيّ إلاَّ مثل جمع عثمان على القرآن) : فيه مسلم بن خالد الزنجي، وهو ضعيف والمحفوظ أن عمر هو الذي جمع الناس على أبي بن كعب. انتهى. وفيه نظر فإن مسلم بن خالد وإن ضعَّفه ابن معين في رواية وأبو داود، لكن وثقه ابن معين في رواية ابن حبان، وأما كون عمر أول من جمع الناس على أبيّ كما هو المعروف، فهو لا ينافي ذلك لأن صلاة أبيّ مع الناس في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكن من اهتمامه، ولم يكن من أمره والاهتمام به، والإِجماع على إمام واحد إنما كان في زمن عمر، فهو أول من فعل ذلك، وقد حقَّقت المرام في "تحفة الأخيار".
ثم جمع الناس على أبيّ في عهد عمر إنما كان للرجال، وأما النساء فكان إمام آخر كما أخرجه سعيد بن منصور من طريق عروة أن عمر جمع الناس على أبيّ بن كعب، فكان يصلّي بالرجال، وكان تميم الداري يصلي بالنساء، وفي رواية محمد بن نصر في "كتاب قيام الليل" في ذكر إمام النساء سليمان بن أبي حَثْمة، قال ابن حجر: لعل ذلك كان في وقتين. انتهى. وعلى هذا يُحمل اختلاف ما رواه مالك، عن السائب أن عمر أمر أبي بن كعب وتميماً أن يكون بإحدى عشرة ركعة، مع ما رواه هو والبيهقي أن عمر جمع الناس على ثلاث وعشرين ركعة، مع الوتر، فيحمل ذلك على أن الاقتصار على الأول كان في البداء، ثم استقر الأمر على عشرين، ذكره ابن عبد البر.
(٢) أي: جعله إماماً لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>