(١) قوله: ورأوه حسناً، كما يدل عليه قول عمر: نعمت البدعة، قال ابن تيمية في "منهاج السنة": إنما سمّاه بدعة لأنَّ ما فُعل ابتداءً بدعة في اللغة، وليس ذلك بدعةً شرعية، فإن البدعة الشرعية التي هي ضلالة ما فُعل بغير دليل شرعي كاستحباب ما لم يُحبه الله، وإيجاب ما لم يوجبه الله، وتحريم ما لم يحرمه الله. انتهى. وبه يندفع ما يقال: إن قول عمر نعمت البدعة مخالف لحديث "كل بدعة ضلالة" بأن المراد بالبدعة في الكلية البدعة الشرعية، وتوصيف الحسن للبدعة اللغوية ولم يُرْوَ عن أحد من الصحابة في زمان الخلفاء فمن بعدهم الإِنكار على ذلك، بل قد وافقوا عمر في كونه حسناً، وباشروا به، وأمروا، واهتموا به، فأخرج ابن أبي شيبة في "المصنَّف" عن وكيع، عن هشام، عن أبي بكر بن أبي مُلِيْكة أن عائشة أعتقت غلاماً لها عن دبر، فكان يؤمُّها في رمضان في المصحفِ، وعلقه البخاري في "باب إمامة العبد" بلفظ: وكانت عائشة يؤمها ذكوان من المصحفِ. وأخرج محمد في كتاب "الآثار" عن إبراهيم النَّخَعي أن عائشة تؤمُّ النساء في شهر رمضان فتقوم وسطاً، وأخرج البيهقي عن السائب: كانوا يقومون على عهد عمر في شهر رمضان بعشرين ركعة، وأخرج عن عروة أن عمر أوَّل من جمع الناس على قيام رمضان، الرجال على أُبَيّ بن كعب والنساء على سليمان بن أبي حَثْمة، زاد ابن سعد: فلما كان عثمان جمع الرجال والنساء على إمام واحد سليمان بن أبي حَثْمة. وأخرج البيهقي عن شبرمة - وكان من أصحاب عليّ - أنه كان يؤمُّهم في رمضان، فيصلّي خمس ترويحات. وأخرج أيضاً أنهم كانوا يقومون على عهد عمر بعشرين ركعة، وعلى عهد عثمان وعلي مثله، وأخرج أيضاً عن عرفجة: كان عليٌّ يأمر الناس بقيام رمضان. ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً، قال عرفجة: فكنت أنا إمامَ النساء. وعن أبي عبد الرحمن السُّلَمي: أن عليّاً دعا القُرّاء في رمضان، فأمر رجلاً بأن يصلّي بالناس عشرين ركعة، وكان عليٌّ يوتر بهم. وروي عن علي أنه قال: نوَّر الله قبر عمر كما نوَّر علينا مساجدنا،