فإن قلت: قد روى الطحاويُّ وغيره تخلُّفَ ابن عمر وعروة وجماعة من التابعين عن صلاة الجماعة في ليالي رمضان فكيف يصح قول محمد: لأن المسلمين أجمعوا على ذلك؟ قلت: تخلّفهم لأنهم كانوا يَرَوْن الصلاة في البيوت أو في آخر الليل أفضل، لكن لم يُنقل عن أحد منهم أنهم أنكروا على اجتماعهم على إمام واحد في المسجد، ورأَوْه قبيحاً، فإنْ لم يثبت الإِجماع على المباشرة فلا مناص عن ثبوت الإِجماع على كونه حسناً، وهو مراد محمد، فإنَّ ضمير قوله: (على ذلك) يَرجع إلى ما ذكره بقوله لا بأس إلى آخره، فليس غرضه الإِجماع على المباشرة، بل الإِجماع على أنه لا بأس بذلك، وعلى أنه حسن، وبالجملة المواظبة التشريعية ثابتة من الصحابة، فمن بعدهم، على حسن أداء التراويح عشرين ركعة بالجماعة (قال الكساني: إن عمر رضي الله عنه جمع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شهر رمضان على أبيّ بن كعب فصلّى بهم كل ليلة عشرين ركعة، ولم ينكر عليه أحد، فيكون إجماعاً منهم على ذلك. اهـ. وفي المغني ١/٨٠٣: وهذا كالإِجماع) ، أما روايات التراويح في عهد عمر على وجوه: منها إحدى عشر ركعة وثلاث وعشرون ركعة في الموطأ قال ابن عبد البر: روى غير مالك في هذا الحديث إحدى وعشرون وهو الصحيح ويقول: إن الأغلب أن قوله إحدى عشر وهم رجحه الشيخ في أوجز المسالم ٢/٣٠١ ولكن نسب الوهم إلى محمد بن يوسف لأن نسبة الوهم إلى الإمام مالك أبعد من النسبة إليه، وإن لم يثبت الإِجماع الفعلي من جميعهم، فافهم، فإنه من سوانح الوقت. (١) قوله: وقد رُوي ... إلى آخره، أقول: هذا صريح في أن "ما رآه المؤمنون حسناً" الحديث مرفوع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يزل الفقهاء والأصوليون من أصحابنا وغيرهم يذكرونه مرفوعاً، وكلمات جماعة من المحدثين شهدت بأنه ليس بمرفوع، بل هو قول ابن مسعود، بل نص بعضهم على أنه لم يوجد مرفوعاً من