(١) قوله: ما رآه المؤمنون حسناً فهو عند الله حسن إلى آخره، اعلم أنه قد جرت عادة كثير من المتفقهين بأنهم يستدلون بهذا الحديث على حُسن ما حدث بعد القرون الثلاثة من أنواع العبادات وأصناف الطاعات ظنّاً منهم، أنه قد استحسنها جماعة من العلماء والصلحاء، وما كان كذلك فهو حسن عند الله، لهذا الحديث. ويُرَدُّ عليهم من وجهين: أحدهما: أنه حديث موقوف على ابن مسعود فلا حجة فيه، ويجاب عنهم بأنه إن ثبت رفع هذا الحديث على ما ذكره جمع منهم محمد فذاك، وإلاَّ فلا يضر المقصود لأن قول الصحابي: في ما لا يُعقل له حكم الرفع، على ما هو مصرَّح في أصول الحديث، فهذا القول وإن كان قولَ ابن مسعود لكن لمّا كان مما لا يُدرَك بالرأي والاجتهاد صار مرفوعاً حكماً، فيصح الاستدلال به، وثانيهما: أنه لا يخلو إما أن يكون اللام الداخلة على المسلمين في هذا الحديث للجنس أو للعهد أو للاستغراق ولا رابع، أما الأول فباطل، لأنه حينئذٍ تبطل الجمعية، ويلزم أن يكون ما رآه مسلم واحد أيضاً وإن خالفه الجمهور حسناً عند الله ولم يقل به أحد، وأيضاً يلزم منه أن يكون ما أحدثته الفرق الضالة من البدعات والمنهيات أيضاً حسناً لصدق رؤية مسلم حسناً، وهو باطل بالإِجماع، وأيضاً يخالف حينئذٍ قوله صلّى الله عليه وسلّم: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلاَّ واحدة"،