للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ شَاءَ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ ومن شاء أفطر، إنما صومه تطوع (١) ،


ميمونة: والناس ينظرون، وفي رواية أبي نعيم: وهو يخطب الناس بعرفة أي ليراه الناس ويعلمون أنه مفطر، لأن العيان أقوى من الخبر. ففطر يوم عرفة للحاجّ أفضل من صومه لأنه الذي اختاره صلّى الله عليه وسلّم لنفسه وللتقوِّي على عمل الحج، ولما فيه من العون على الاجتهاد في الدعاء والتضرُّع المطلوب في ذلك الموضع، ولذا قال الجمهور: يُستحب فطره للحاج وإن كان قوياً. ثم اختلفوا هل صومه مكروه؟ وصححه المالكية، أو خلاف الأولى؟ وصححه الشافعية، وتُعقب بأن فعله المجرد لا يدل على عدم استحباب صومه، إذ قد يتركه لبيان الجواز، وأجيب بأنه قد روى أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة والحاكم عن أبي هريرة: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن صوم عرفة بعرفة. وأخذ بظاهره قوم منهم يحيى بن سعيد الأنصاري، فقال: يجب فطره للحاجِّ، والجمهور على استحبابه، كذا في "شرح الزُّرقاني".
(١) قوله: تطوع، أي ليس بفرض ولا واجب، لكن فيه فضيلة ثابتة، فروى مسلم واللفظ له، وأبو داود من حديث أبي قتادة: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن صوم يوم عرفة؟ قال: يكفِّر السنة الماضية والباقية (الجمع بينه وبين حديث الباب أن يُحمل على غير الحاجّ أو على من لم يُضعفه صيامه عن الذكر والدعاء المطلوب للحاج. انظر فتح الباري ٤/٢٣٧) ، وفي رواية الترمذيّ: صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي بعده والسنة التي قبله. وروى ابن ماجه عن قتادة بن النعمان: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من صام يوم عرفة غُفر له سنة أمامه وسنة بعده. وروى أحمد، عن عطاء الخرساني أن عبد الرحمن بن أبي بكر دخل على عائشة يوم عرفة وهي صائمة والماء يُرَشُّ عليها، فقال لها: أفطري، فقالت: أُفطر وقد سمعت رسول الله يقول: إن صوم عرفة يكفِّر العام الذي قبله، قال الحافظ عبد العظيم المنذري في كتاب "الترغيب والترهيب": رواته محتَجٌّ بهم في الصحيح إلاَّ عطاء لم يسمع من عبد الرحمن. وروى أبو يعلى عن سهل بن سعد

<<  <  ج: ص:  >  >>