للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا أَرَادَ (١) حَجًّا إلاَّ مُحرماً، فَأَمَّا إِحْرَامُ (٢) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنَ الفُرُع وَهُوَ دون ذي الحُلَيفة إلى


(١) قوله: إذا أراد، هذا القيد غالبي، وإلاَّ فلا يحل لأحد من الآفاقي أن يجاوز الميقات بلا إحرام إذا أراد دخول الحرم سواء أراد أحد النُّسُكين أو لم يرد، خلافاً للشافعي. وأما دخوله عليه الصلاة والسلام عام الفتح بغير إحرام، فحكم مخصوص له ولأصحابه في ذلك الوقت، كذا في "شرح القاري".
(٢) قوله: فأما إحرام ... إلى آخره، دَفْعٌ لما ورد أنه لما لم يَجُزْ مجاوزة المواقيت فكيف جاوز ابن عمر ميقات أهل المدينة وهو ذو الحليفة، وأحرم من الفُُْرع، وهو متجاوز عن ذي الحليفة، إلى جانب مكة. وحاصل الدفع أنه لا يحل المجاوزة من هذه المواقيت لمن مرَّ بها إلاّ محرماً إلاّ من كان بين يدية ميقات آخر، فإنه مخيَّر بين أن يحرم من ميقاته الأول أو من الثاني، فأهل المدينة يُخيَّر لهم بين أن يُحرموا من ذي الحليفة وهو ميقاتهم الموقَّت وبين أن يحرموا من الجُحْفة، أو من رابغ الذي هو قريب الجحفة لحديث مرفوع مرسل: من أحب أن يستمتع بثيابه إلى الجحفة فليفعل. فلا يلزمهم من مجاوزة ذي الحليفة دم، وإن كان الأفضل هو الإِحرام منه، وقد يُستدل له بما وقع في رواية البخاري وغيره من حديث ابن عباس بعد ذكر المواقيت: فهنَّ لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة. واستدل به كثير على أن الشامي إذا مرَّ بذي الحليفة لزمه الإِحرام منها ولا يؤخره إلى ميقاته الجحفة فإن أخَّر لزمه دم عند الجمهور، وحكى النووي الاتفاق عليه، ولعله بالنسبة إلى جمهور الشافعية وإلاَّ فالمعروف عند المالكية أن الشامي مثلاً إذا جاوز ذا الحليفة بغير إحرام إلى الجحفة جاز له ذلك، وبه قالت
الحنفية (وأما مذهب الحنفية في ذلك ما في "البدائع": من جاوز ميقاتاً من هذه المواقيت من غير إحرام إلى ميقات آخر جاز إلاَّ أنَّ المستحب أن يحرم من الميقات الأول، كذا في بذل المجهود ٨/٣٢٤) وأبو ثور وابن المنذر من الشافعية، كذا في "فتح الباري" وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>