للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وإسحاق أن من أراد النسك صار بمجرَّد تقليده الهدي محرماً. وأما قول ابن عباس فقد خالفه ابن مسعود وعائشة وأنس وابن الزبير وغيرهم، بل جاء عن الزهري ما يدل على أن الأمر استقرَّ على خلاف ما قاله، ففي نسخة أبي اليمان عن شعيب عنه، وأخرجه البيهقي من طريقه عنه قال: أول من كشف العَمْي (في الأصل: الغمي وهو تحريف كما في عمدة القاري ٤/٧١٤، والسنن الكبرى للبيهقي ٥/٢٣٤) عن الناس وبيَّن لهم السُّنَّة في ذلك عائشة ... فذكر الحديث عن عروة وعَمْرة عنها، وقال: لمّا بلغ الناسَ قولُ عائشة أخذوا به وتركوا فتوى ابن عباس. انتهى. وفيه دلالة على أن قوله كان مهجوراً، ومن ثَم لم يأخذ أحد من أئمة الأمصار المعروفين به، بل قال ابن التين: خالف ابن عباس جميع الفقهاء في هذا، ولعله رجع عنه لمّا بلغه حديث عائشة، وتعقَّبه ابن حجر (انظر فتح الباري ٣/٥٤٦) وغيره بأنَّ ابن عباس لم ينفرد بما قاله، بل وافقه جماعة من الصحابة، منهم ابن عمر ورواه ابن أبي شيبة وابن المنذر بسنَديْهما إلى نافع عنه بلفظ: كان إذا بعث بالهدي يمسك عمّا يمسك عنه المحرم، إلاَّ أنه لا يلبّي. وأخرج ابن أبي شيبة، عن ابن عباس وابن عمر قالا: من قلَّد أحرم، ومنهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري صاحب لواء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخرجه عنه سعيد بن منصور، ومنهم عمر وعلي فإنهما قالا في الرجل يرسل بَدَنَتَه أنه يُمسك عما يُمسك عنه المحرم، رواه ابن أبي شيبة، وحكى ابن المنذر هذا المذهب عن النخعي وعطاء وابن سيرين وآخرين، وأخرج ابن أبي شيبة مثله عن سعيد بن جبير، ويوافقهم من المرفوع حديث جابر قال: بينا النبي صلّى الله عليه وسلّم جالس مع أصحابه إذ شق قميصه حتى خرج منه. وقال: إني أَمرتُ ببُدْني التي بعثت بها أن تُقلَّد اليوم، وتُشعر على مكان كذا، فلبست قميصي ونسيت، أخرجه عبد الرزاق والبزار والطحاوي، وفي سنده عبد الرحمن بن عطاء ضعيف، قال ابن عبد البر: لا يُحتَجّ

<<  <  ج: ص:  >  >>