للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَطَّابِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَدَ ريحَ طيبٍ وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ (١) ، فَقَالَ: مِمَّنْ ريحُ هَذَا الطِّيبِ؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ (٢) بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: مِنِّي


الجمهور بحديث عائشة كنتُ أطيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإِحرامه قَبْلَ أَنْ يُحرم، ولحِلَّه قَبْلَ أن يطوف بالبيت. وسيأتي في "باب ما يَحْرُم على الحاجّ بعد رمي جمرة العقبة" وفي رواية للشيخين كأني أنظر إلى وبيص الطِّيب في مَفْرِق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو محرم وفي لفظ لمسلم: كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبِّي. وفي رواية لهما: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يُحرم يتطيب بأطيب ما يجد، ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك. وأخرجا عن محمد بن المنتشر قال: سألتُ ابنَ عمر عن رجل يطيب ثم يصبح محرماً، فقال: ما أحبّ أن أصبح محرماً أنضح طيباً، لأن أُطلى بقَطِران أحبّ إليّ من أن أفعل ذلك، فدخلتُ على عائشة فأخبرتها بقوله فقالت: إنما طيَّبْتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فطاف في نسائه، ثم أصبح محرماً. وفي لفظ لهما: كنت أطيّب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيطوف على نسائه، ثم يصبح مُحرماً ينضح طيباً. كذا ذكره الزيلعي وغيره. وأجاب عنه المالكية ومن قال بقولهم بوجوه كلها مردودة، منها أنه صلّى الله عليه وسلّم اغتسل بعد ما تطيّب لقولها في رواية: ثم طاف على نسائه، فإن المراد بالطواف الجماع وكان من عادته أن يغتسل عند كل أحد، ورُدّ لأنه ليس فيه أنه أصابهن، وكان عليه السلام كثيراً ما يطوف على نسائه من غير إصابة كما في حديث عائشة: قلّ يوم إلا ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يطوف علينا، فيقبِّل ويلمس دون الوقاع، فإذا جاء إلى التي هو يومها يبيت عندها. ولو سُلِّم أنه اغتسل فقولها في رواية: ثم أصبح محرماً ينضح طيباً صريح في بقاء الرائحة، وبه يُردّ على من قال إن ذلك الطيب كان لا رائحة له تمسُّكاً برواية النسائي: بطيبٍ لا يشبه طيبكم. ومنها أن ذلك من خصائصه، ورُدّ بأنها لا تثبت بالقياس، كذا في "شروح صحيح البخاري".
(١) سمرة بذي الحُلَيفة على ستة أميال من المدينة.
(٢) قوله: معاوية بن أبي سفيان، هو معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، أسلم هو وأبوه وأخوه يزيد وأمه هند بنتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>