للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال معاوية: يا أبا جعفر نغيِّر الخطأ، أقسمت عليك لتجلسنَّ، لعن الله من أخرج ضب صدرك من وجاره١، محمول لك ما قلت، ولك عندنا ما أملت، فلو لم يكن محتِدك٢ ومنصبك لكان خُلقك وخَلقك شافعين لك إلينا، وأنت ابن ذي الجناحين وسيد بني هاشم، فقال عبد الله: كلا بل سيد بني هاشم حسنٌ وحسينٌ لا ينازعهم في ذلك أحد، فقال: أبا جعفر أقسمت عليك لما ذكرت حاجة لك إلا قضيتها كائنة ما كانت، ولو ذهبت بجميع ما أملك، فقال: أما في هذا المجلس فلا، ثم انصرف، فأتبعه معاوية بصره فقال: والله لكأنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مشيه وخلقه وخلقه، وإنه لمن مشكاته٣، لوددت أنه أخي بنفيس ما أملك.

ثم التفت إلى عمرو فقال: أبا عبد الله ما تراه منعه من الكلام معك؟ قال: ما لا خفاء به عنك. قال: أظنك تقول: إنه هاب جوابك؟ لا والله ولكنه ازدراك واستحقرك ولم يرك للكلام أهلا، أما رأيت إقباله علي دونك، ذاهبا بنفسه عنك؟ فقال عمرو: فهل لك أن تسمع ما أعددته لجوابه؟ قال معاوية: أرغب إليك أبا عبد الله، فلات حين جوابٍ فيما يُرى اليوم؛ ونهض معاوية وتفرق الناس.

"شرح ابن أبي الحديد م٢: ص١٠٤"


١ جحره.
٢ أصلك.
٣ المشكاة: الكوة التي ليست بنافذة.

<<  <  ج: ص:  >  >>