للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتى لا يبالي أن يكون بوجهه ... "إذا نال خلات الكرام" شحوب١

إذا ما تراءاه الرجال تحفظوا ... فلم ينطقوا العوراء وهو قريب٢

حليف الندى، يدعو الندى فيجيبه ... قريبًا، ويدعوه الندى فيجيب٣

يبيت الندى "يا أم عمرو" ضجيعه ... إذا لم يكن في المنقيات حلوب٤

كأن بيوت الحي "ما لم يكن بها" ... بسابس ما يلفى بهن غريب٥

في أبيات، كان والله يابن عباس، عظيم المروة٦، شريف الأخوة، جليل الخطر، بعيد الأثر، كميش٧ العروة، أليف الندوة٨، سليم جوانح الصدر، قليل وساوس الدهر، ذاكرًا لله طرفي النهار وزلفًا٩ من الليل، الجوع والشبع عنده سيان، لا ينافس في الدنيا، وأقل أصحابه من ينافس فيها، يطيل السكوت، ويحفظ الكلام، وإن نطق نطق بعقام١٠ يهرب منه الدعار١١ الأشرار، ويألفه الأحرار الأخيار".

قال ابن عباس: "ما ظنك برجل من أهل الجنة، رحم الله زيدًا، فأين كان عبد الله منه؟ "، قال: كان عبد الله سيدًا شجاعًا، مُؤلفًا١٢ مطاعًا، خيره وَسَاعٌ١٣، وشرُّه


١ خلات جمع خلة بالفتح: وهي الخصلة، وشحب لونه كجمع ونصر وكرم وعني شحوبًا: تغير من هزال أو جوع أو سفر.
٢ العوراء: الكلمة القبيحة.
٣ الندى: الجود.
٤ المنقيات: ذوات النقي "بالكسر" وهو الشحم، ناقة منقية أي سمينة.
٥ بسابس جمع بسبس كجعفر: وهو القفر الخالي "وفي الأصل بسائس وهو تصحيف".
٦ مسهل عن المروءة.
٧ يقال: رجل كميش الإزار: أي مشمر جاد، ورجل كميش: عزوم ماضٍ سريع في أموره.
٨ الندوة والنادي والمنتدى والندي: مجلس القوم ومتحدثهم، وفي الأصل "البدرة" وأراه مصحفا، أو هو فعلة من البدو وهو الظهور، أي ذو مظهر حسن يؤلف ولا يمج.
٩ جمع زلفة بالضم: وهي الطائفة من الليل.
١٠ داء عقام: لا يبرأ، أي نطق بقوارص من الكلم جارحة مؤلمة لا دواء لها.
١١ جمع داعر وصف من الدعارة بفتح الدال وكسرها: وهي الخبث والفسق.
١٢ ألفته وآلفته: أنست به فهو مألوف ومؤلف.
١٣ على التشبيه بالفرس الوساع: وهو الجواد الواسع الخطو والذرع، والدفاع: السيل العظيم، والشيء العظيم يدفع به مثله "وفرس دفاع كشداد. إذا تدافع جريه".

<<  <  ج: ص:  >  >>