للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أما قولك يا معاوية: إنا قدمنا الأرض المقدسة؛ فلعمري، ما الأرض تقدس الناس، ولا يقدس الناسَ إلا أعمالهُم، وأما قولك: منها المنشرُ، وإليها المحشرُ، فلعمري، ما ينفعُ قربُها، ولا يضرُّ بُعدُها مؤمنًا، وأما قولك: لو أن الناسَ كلَّهم ولدُ أبي سفيان لكانوا حلماءَ عقلاءَ؛ فقد وَلَدَهُم خيرٌ من أبي سفيان آدمُ صلوات الله عليه، فمنهم الحليمُ والسفيهُ، والجاهلُ والعالمُ".

وأما أحلمُ الناس، فإن ولد عبد القيس قدموا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصدقاتهم وفيهم الأشج١، ففَرَّقَها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أول عطاء فَرَّقَه في أصحابه، ثم قال: يا أشجُّ ادنُ مني؛ فَدَنَا منه، فقال: "إن فيك خلتين يحبهما الله: الأناة، والحلم" وكفى برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاهدًا، ويقال: إن الأشج لم يغضبْ قطُّ٢.

"العقد الفريد ٢: ٥٦"


١ هو عبد الله بن عوف الأشجّ.
٢ هذا المقال يزيد على العنوان الذي عنونته به، وقد أردت من ذلك استيفاء حديث عبد الملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>