للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء؛ فاختلط به نبات الأرض، فأصبح هشيمًا١ تذروه الرياح، وكان الله على كل شيء مقتدرًا"، مع أن امرأ لم يكن منها في حبرة؛ إلا أعقبته بعدها عبر، ولم يلق من سرائها بطنًا، إلا منحته من ضرائها ظهرًا٢، ولم تطله غيثة٣ رخاء، إلا هطل٤ عليه مزنة بلاء، وحري إذا أصبحت له منتصرة، أن تمسي له خاذلة منكرة، وإن جانب منها اعذوذب واحلولى٥، أمر عليه منها جانب وأوبى٦، وإن آتت امرأ من غضارتها٧ ورفاهتها نعمًا، أرهقته من نوائبها تعبًا، ولم يمس امرؤ منها في جناح أمن؛ إلا أصبح منها على قوادم٨ خوف، غرارة غرور ما فيها، فانية، فانٍ ما عليها، لا خير في شيء من زادها إلا التقوى، من أقل منها استكثر مما يؤمنه، ومن استكثر منه استكثر مما يوبقه٩، ويطيل حزنه، ويبكي عينيه، كم واثق بها قد فجعته، وذي طمأنينة إليها قد صرعته١٠، وذي اختيال١١ فيها قد خدعته، وكم من


١ الهشيم: ما تهشم وتحطم، وتذروه: أي تطيره.
٢ كنى بالبطن والظهر عن إقبالها عليه وإدبارها عنه؛ لأن الملاقي لك بالصدر ملاق بالوجه؛ فهو مقبل عليك، والمعطيك ظهره مدبر عنك.
٣ طله السحاب يطله: إذا أمطره مطرًا قليلًا، وربما كانت "غيثة" مصحفة عن "غبية" والغبية بفتح الغين: المطرة غير الكثيرة، وفي رواية "ديمة" والديمة بالكسر: مطر يدوم في سكون بلا رعد وبرق.
٤ هطلت السماء كجلس هطلًا: تتابع مطرها، وفي رواية: "هتنت" هتنت السماء كجلس أيضًا هتنًا: انصبت، أو هو فوق الهطل، والمزنة: السحابة أو ذات الماء.
٥ أي صار عذبًا حلوا.
٦ أمر: صار مرا وأوبى: مسهل عن أوبأ، أي صار وبئًا، وبئت الأرض كفرح وكرم وعني، وأوبأت: صارت كثيرة الوباء، وهو الطاعون أو كل مرض عام.
٧ الضارة: النعمة والسعة والخصب، وأرهقه: حمله على ما لا يطيقه، وفي رواية: "لا ينال امرؤ من غضارتها رغبا" والرغب بالتحريك ما ترغب فيه، وفي رواية: "فإن أتت امرأ من غصونها ورقًا"، وفي رواية: "وإن لبس امرؤ من غضارتها ورفاهيتها نعمًا، أرهقته من نوائبها غمًا".
٨ القوادم: أربع أو عشر ريشات في مقدم الجناح، الواحدة قادمة، وخص الخوف بالقوادم لأنها مقاديم الريش، والراكب عليها بعرض سقوط قريب.
٩ يهلكه.
١٠ وفي رواية: "وذي حكم ثنته إليها قد صرعته".
١١ الاختيال: الكبر والعجب والأبهة: العظمة، والبهجة والكبر والنخوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>