للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ١} فأقبل صنف تاسع ليس منها، فأخذ كلها: تلكم الفرقة الحاكمة بغير ما أنزل الله، فالعنوهم لعنهم الله.

وأما إخواننا من هذه الشيعة -وليسوا بإخواننا في الدين؛ لكني سمعت الله عز وجل قال في كتابه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} فإنها فرقة تظاهر بكتاب الله، وأعلنت الفرية على الله، لا يرجعون إلى نظر نافذ في القرآن، ولا عقل بالغ في الفقه، ولا تفتيش عن حقيقة الصواب، قد قلدوا أمورهم أهواءهم، وجعلوا دينهم العصبية لحزب لزموه، وأطاعوه في جميع ما يقوله لهم، غيًا كان أو رشدًا، ضلالة أو هدى، ينتظرون الدول في رجعة الموتى٢، ويؤمنون بالبعث قبل الساعة، ويدعون علم الغيب لمخلوق، لا يعلم أحدهم ما في بيته؛ بل لا يعلم ما ينطوي عليه ثوبه، أو يحويه جسمه، ينقمون المعاصي على أهلها ويعملون إذا ولوا بها، يصرون على الفتنة ولا يعرفون المخرج منها؛ جفاة في دينهم،


١ الصدقات: الزكاة. العاملين عليها: الساعين في تحصيلها وجمعها. والمؤلفة قلوبهم: الذين أسلموا ونيتهم ضعيفة في الإسلام؛ فتستألف قلوبهم. وفي الرقاب: أي وفي فك رقاب المكاتبين، يعاونون بشيء منها. والغارمين: أي المدينين لأنفسهم في غير معصية، ومن غير إسراف إذا لم يكن لهم وفاء.
٢ كان بعض الشيعة يعتقدون في أئمتهم الذين ماتوا، أنهم أحياء لم يموتوا؛ إلا أنهم غائبون عن أعين الناس؛ فالشيعة الكيسانية يقولون إن محمد بن الحنفية رضي الله عنه لم يمت، وإنه في جبل رضوى "بالحجاز" بين أسد ونمر يحفظانه، وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل، وإنه يعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورا، وفيه يقول كثير من أبيات:
يغيب ولا يرى فيهم زمانًا ... برضوى عنده عسل وماء
انظر الملل والنحل للشهرستاني ١: ١٥٥ والفصل لابن حزم ٤: ١٣٧ والفرق بين الفرق ص٢٨ والاثنا عشرية "وهي إحدى فرقتي الشيعة الإمامية؛ سموا بذلك لوقوفهم عند الإمام الثاني عشر، وهو محمد بن الحسن العسكري، ويلقبونه بالمهدي المنتظر" يزعمون أنه دخل في سرداب بسُرّ من رأى، وغاب هنالك، وأنه يخرج في آخر الزمان؛ فيملأ الأرض عدلًا وهم ينتظرونه -ويسمونه المنتظر لذلك- ويقفون في كل ليلة بعد صلاة المغرب بباب هذا السرداب وقد قدموا مركبًا فيهتفون باسمه، ويدعونه للخروج؛ حتى تشتبك النجوم، ثم ينفضون ويرجئون الأم إلى الليلة الآتية -انظر مقدمة ابن خلدون ص٢٢٠-

<<  <  ج: ص:  >  >>