للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم وقرابته، وأنشأنا من آبائه أنبتنا من شجرته، واشتقنا من نبعته١، جعله من أنفسنا عزيزًا عليه ما عنتنا٢، حريصًا علينا، بالمؤمنين رءوفًا رحيمًا، ووضعنا من الإسلام وأهله بالموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتابًا يتلى عليهم، فقال عز من قائل فيما أنزل من محكم القرآن: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ ٣ أ َهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} وقال: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ، وقال {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} وقال: {مَا أَفَاء َ٤ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} ، وقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} فأعلمهم جل ثناؤه فضلنا، وأوجب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفيء٥ والغنيمة نصيبنا، تكرمة لنا، وفضلًا علينا، والله ذو الفضل العظيم.

وزعمت السبئية الضلال أن غيرنا٦ أحق بالرياسة والخلافة منا، فشاهت٧ وجوههم! بم ولم أيها الناس؟ وبنا هدى الله الناس بعد ضلالتهم، وبصرهم بعد جهالتهم! وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظهر بنا الحق، وأدحض بنا الباطل، وأصلح بنا منهم ما كان فاسدًا، ورفع بنا الخسيسة، وأتم بنا النقيصة، وجمع الفرقة، حتى عاد الناس بعد العداوة أهل تعاطف وبر، ومواساة في دينهم ودنياهم، إخوانًا على سرر متقابلين في آخرتهم، فتح الله ذلك منة ومنحة لمحمد صلى الله عليه وسلم، فلما قبضه الله إليه قام بذلك الأمر من بعد أصحابه، وأمرهم شورى بينهم، فحووا مواريث الأمم، فعدلوا فيها،


١ النبع في الأصل: شجر للقسي والسهام.
٢ العنت بالتحريك: دخول المشقة على الإنسان.
٣ القذر، وكل ما استقذر من العمل.
٤ ما أعاده عليه أي صبره له.
٥ الغنيمة.
٦ يريد العلويين.
٧ شاه وجهه شوها بالفتح: قبح.

<<  <  ج: ص:  >  >>