للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووضعوها مواضعها، أعطوها أهلها، وخرجوا خماصًا١ منها، ثم وثب بنو حرب ومروان فابتزوها وتداولوها بينهم، فجاروا فيها، واستأثروا بها، وظلموا أهلها، فأملى٢ الله لهم حينًا حتى آسفوه٣، فلما آسفوه انتقم منهم بأيدينا، ورد علينا حقنا، وتدارك بنا أمتنا، وولي نصرنا والقيام بأمرنا، ليمن بنا على الذين استضعفوا في الأرض، وختم بنا كما افتتح بنا، وإني لأرجو ألا يأتيكم الجور من حيث أتاكم الخير، ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح، وما توفيقنا أهل البيت إلا بالله.

يأهل الكوفة، أنتم محل محبتنا، ومنزل مودتنا، أنتم الذين لم تتغيروا عن ذلك، ولم يئنكم عن ذلك تحامل أهل الجور عليكم، حتى أدركتم زماننا، وأتاكم الله بدولتنا، فأنتم أسعد الناس بنا، وأكرمهم علينا، وقد زدتكم في أعطياتكم مائة درهم، فاستعدوا، فأنا السفاح المبيح، والثائر المبير٤".

وكان موعوكًا فاشتد به الوعك٥، فجلس على المنبر، وصعد داود بن علي، فقام دونه على مراقي٦ المنبر، فقال:

"تاريخ الطبري ٩: ١٢٥، وشرح ابن أبي الحديد م ٢: ص ٢١٣".


١ جياعًا جمع خميص من خمص البطن مثلثة الميم أي خلا، والمخمصة: المجاعة، وهو خمصان بالضم، وخميص الحشا: ضامر البطن.
٢ أمهلهم.
٣ أغضبوه.
٤ أباره: أهلكه.
٥ الوعك: أذى الحمى ووجعها، وألم من شدة التعب.
٦ جمع مرقاة بفتح الميم وكسرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>