للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن العطية على ذلك تجارة مربحة إن شاء الله، واعتبر بما ترى من أمور الدنيا ومَن مضى من قبلك من أهل السلطان والرياسة في القرون الخالية والأمم البائدة، ثم اعتصم في أحوالك كلها بأمر الله، والوقوف عند محبته، والعمل بشريعته وسنته، وإقامة دينه وكتابه، واجتنب ما فارق ذلك وخالفه ودعا إلى سخط الله، واعرف ما تجمع عمَّالك من الأموال، وما ينفقون منها، ولا تجمع حراما، ولا تنفق إسرافا، وأكثر مجالسة العلماء ومشاورتهم ومخالطتهم، وليكن هواك اتباع السنن وإقامتها، وإيثار مكارم الأمور ومعاليها، وليكن أكرم دخلائك وخاصتك عليك، مَن إذا رأى عيبًا فيك لم يمنعه هيبتك من إنهاء ذلك إليك في سر، وإعلامك ما فيه من النقص، فإن أولئك أنصح أوليائك، ومظاهريك لك، وانظر عمَّالك الذين بحضرتك وكتَّابك، فوقِّت لكل رجل منهم في كل يوم وقتًا يدخل عليك فيه بكتبه ومؤامرته وما عنده من حوائج عمَّالك، وأمر كُورك ورعيتك، ثم فرغ لما يورده عليك من ذلك سمعك وبصرك وفهملك وعقلك، وكرر النظر إليه التدبير له، فما كان موافقا للحزم والحق فَأَمْضه، واستخِر الله فيه، وما كان مخالفا لذلك فاصرفه إلى التثبت فيه والمسألة عنه، ولا تمنُن على رعيتك ولا على غيرهم بمعروف تأتيه إليهم، ولا تقبل من أحد منهم إلا الوفاء والاستقامة والعون في أمور أمير المؤمنين، ولا تضعَن المعروف إلا على ذلك وتفهَّم كتابي إليك، وأكثر النظر في العمل به، واستعن بالله على جميع أمورك، واستخره فإن الله مع الصلاح وأهله، وليكن أعظم سيرتك وأفضل رعيتك، ما كان لله رضا، ولدينه نظاما، ولأهله عزًّا وتمكينا، وللذمة والملة عدلًا وصلاحا، وأنا أسأل الله أن يصلح عونك وتوفيقك ورشدك وكلاءتك، وأن ينزل عليك فضله ورحمته بتمام فضله عليك وكرامته لك، حتى يجعلك أفضل أمثالك نصيبًا، وأوفرهم حظًّا، وأسناهم ذكرًا وأمرًا، وأن يُهْلك عدوك ومن ناوأك وبَغَى عليك، ويرزقك من

<<  <  ج: ص:  >  >>