للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وملتمِس الرشد ومُوليه، وعادت عليه بالسَّخطة الشنيعة، وهو إمام الشريعة، فلا سبيل إلى اقتحامها، والتورُّط في ازدحامها، ولا تخلطوا جامكم١ بجامها، إلا ما كان من حساب ومساحة، ما يعود بِجَدْوَى فلاحة، وعلاج يرجع على النفس والجسم براحة، وما سوى ذلك فمحجور، وضَرَم٢ مسجور، وممقوت مهجور، وأمروا بالمعروف أمرا رفيقًا، وانهوا عن المنكر نهيًا حريا بالاعتدال حقيقا، واغبطوا من كان من سِنَة الغفلة مفيقًا، واجتنبوا ما تُنْهَون عنه حتى لا تسلكوا منه طريقًا، وأطيعوا أمر من ولاه الله تعالى من أموركم أمرا، ولا تَقْرَبُوا من الفتنة جمرًا، ولا تدخلوا في الخلاف زيدًا ولا عمرًا، وعليكم بالصدق فهو شعار المؤمنين، وأهمّ ما أضَرَى٣ عليه الآباء ألسنة البنين، وأكرم منسوب إلى مذهبه، ومن أكثر من شيء عُرف به، وإياكم والكذب فهو العَوْرة التي لا توارى، والسوءة التي لا يُرْتَاب في عارها ولا يتمارى. وأقل عقوبات الكذاب، بين يدي ما أعَدَّ الله له من العذاب، وأن يقبل صِدْقَه إذا صَدَق، ولا يعول عليه إن كان بالحق نطق، وعليكم بالأمانة فالخيانة لُوم، وفي وجه الديانة كُلُوم٤، ومن الشريعة التي لا يُعْذَر بجهلها، وأداء الأمانات إلى أهلها، وحافظوا على الحشمة والصِّيانة، ولا تجزُوا من أقرضكم دين الخيانة، ولا توجدوا للغدر قَبولا ولا تُقِرُّوا عليه طبعًا مجبولا، وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا، ولا تستأثروا بكنز ولا حَزْن، ولا تذهبوا لغير مناصحة المسلمين في سهل ولا حَزْن، ولا تَبْخَسُوا الناس أشياءهم في كيل أو وزن، والله الله أن تُعينوا في سفك الدماء ولو بالإشارة أو الكلام، أو ما يرجع إلى وظيفة الأقلام، واعلموا أن الإنسان في فُسْحَة ممتدَّة،


١ الجام: إناء من فضة.
٢ جمع ضرمة بالتحريك: وهي الجمرة والنار وسجر التنور: أحماه.
٣ ضرى بالشيء كتعب: اعتاده وأولع به، ويعدي بالهمز والتضعيف، فيقال: أضريته وضريته: أي أغريته به.
٤ الكلوم جمع كلم بالفتح وهو الجرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>