للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَضَلَّ مشيته وأخطأ مشيها ... فلذاك سمُّوه أبا مرقالِ١

ولا يُفْسِد خاطرك من جعل يذُمّ الزمان وأهله، ويقول: "ما بقي في الدنيا كريم ولا فاضل، ولا مكان يُرْتَاحُ فيه"، فإن الذين تراهم على هذه الصفة، أكثر ما يكونون ممن صَحِبه الحِرْمَان، واستحقت طلعته للهوان، وأبْرَمُوا٢ على الناس بالسؤال فمقتوهم، وعجزوا عن طلب الأمور من وجوهها، فاستراحوا إلى الوقوع في الناس، وإقامة الأعذار لأنفسهم بقطع أسبابهم، وتعذير أمورهم، ولا تُزِل هذين البيتين من فكرك:

لِنْ إذا ما نِلْتَ عِزًّا ... فأخو العز يلينُ

فإذا نابك دهر ... فكما كنت تكون

وقول الآخر:

تِهْ وارتفع إن قيل أقتَرَ ... وانخَفِضْ إن قيل أَثْرَى٣

كالغصنِ يسفُل ما اكتسى ... ثمرا، ويعلو ما تَعَرَّى

ولا قول الآخر:

الخير يبقى وإن طال الزمان به ... والشر أخبث ما أوعيتَ من زادِ

واعتقد في الناس ما قاله القائل:

ومَنْ يَلْقَ خيرا يحمد الناس أمره ... ومَنْ يَغْوِ لا يَعْدِمْ عَلَى الغَيِّ لَائِمًا

وقريب منه قول القائل:

بقدر الصُّعود يكون الهبوط ... فإياك والرُّتَبَ العاليهْ

وكن في مكان إذا ما سَقَطْتَ ... تقوم ورجلاك في عافِيهْ

وتَحَفَّظْ بما تضمنه قول الآخر:


١ من أرقلت الدابة: إذا أسرعت.
٢ أورد الفعل لازما وهو متعد، جاء في كتب اللغة: "أبرمه فبرم كفرح وتبرم: أمله فمل".
٣ أنثر: افتقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>