للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير ترتيب فكر، موجود من غير شيء يُمْسِكه، معبود من غير وهم يدركه، كريم من غير عوض يَلْحَقُه، حكيم من غير عَرَض يلحقه١، قويّ من غير سبب يجمعه، عليّ من غير سبب يرفعه، لو وجد له جنس لعُورِض في قيُّوميته٢، لو ثبت له حس لنُوزِع في ديَمُومِيَّته٣.

ومنها: تقدَّس وعزَّ فعله، وتنزَّه عزَّ اسمه وفضله، جلَّ قاهر قدرته، وعزَّ باهرُ عِزَّته، وعظمت صِفَتُه، وكثرت مِنَّتُه، فَتَقَ ورَتَقَ، وصَوَّرَ وخَلَقَ، وقََطَع ووصل ونصر وخذل، حمدْته حمد من عَرَف ربه، ورَهِب ذنبه، وصَفَّت حقيقة يقينه قلبه، وزَكَّت٤ بصيرة دينه لُبُّه، وربط سلك سلوكه وشَدَّ٥، وهَدَمَ صَرْحَ عُتُوِّه وهَدَّ، وحَرَسَ مَعْقِل عقله وحَدَّ، وطرد غرور غِرَّته٦ ورَذَلَه٧، عَلِمَ عِلْمَ تحقيق فنحا نحوه، نُقِرُّ له عز وجل بثبوت ربوبيته وقِدَمه، ونعتقد صدور كلِّ جوهر وعرض عن جوده وكَرَمِه، ونشهد بتبليغ محمد صلى ربُّه وسلم عليه، ورسوله وخير خلقه، ونُعْلِن بنهوضه في تبيين فرضه، وتبليغ شرعه، وضرب قُبَّةِ شرعه فنسخت كل شرع، وجدَّدَ عزيمته فَقَمَع عدوه خير قمع، قَوَّم كل مُقَوَّم بقويم سنته، وكريم هديه، وبيَّن لقومه كيف يَرْكَنُون٨، ففازوا بقصده وسديد سعيه، بشَّر مُطِيعَه فظَفَر برحمته، وحَذَّر عاصِيَه فَشَقِيَ بنقمته.

وبعد: فقد نصحتكم لو كنتم تعقلون، وهديتكم لو كنتم تعلمون، بُصِّرتم لو كنتم تبصرون، وذُكِّرْتُم لو كنتم تذكرون، ظهرت لكم حقيقة نشركم،


١ يلحقه الأول: أي يناله ويأخذه، ويلحقه الثاني بمعنى يتصف به.
٢ القيوم: من أسمائه تعالى، أي الذي لا ند له.
٣ الديمومة: الدوام.
٤ زكت: ظهرت.
٥ في الأصل "وشيد" وأراه محرفا عن "شد" إذ هي التي تلائم قوله قبلها "وربط".
٦ الغرة: الغفلة.
٧ رذله وأرذله: عده رذلا.
٨ ركن إلى الشيء ركونا: مال إليه واطمأن، أي بين لهم كيف يركنون إلى الحق والصواب، وقد كانوا من قبله يعمهون في ضلالتهم ويخبطون.

<<  <  ج: ص:  >  >>