للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في آل عمران والنساء مائدة الأنعام لِيُتِمَّ إنعامه، وجعل في الأعراف أنفال توبة يونس وألر كتاب أحكمت آياته، بمجاورة يوسف الصِّدِّيق في دار الكرامة، وسبَّح الرعد بحمده، وجعل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم؛ ليؤمن أهل الحجر١ أنه إذا أتى أمر الله سبحانه فلا كَهْفَ ولا ملجأ إلا إليه، ولا يُظْلَمُون قُلَامَة، وجعل في حروف كهيعص سرًا مكنونًا، قدَّم بسببه طه -صلى الله عليه وسلم- على سائر الأنبياء ليظهر إجلاله وإعظامه، وأوضح الأمر حتى حجَّ المؤمنون بنور الفرقان، والشعراء صاروا كالنمل ذلًّا وصغارا لعظمته، وظهرت قَصَص العنكبوت فآمن به الروم، وأيقنوا أنه كلام الحيّ القيوم، نزل به الروح الأمين على زَيْن من وَافَى يوم القيامة، وأوضح لقمان الحكمة بالأمر بالسجود لربِّ الأحزاب، فَسَبَا فاطر السموات أهل الطاغوت، وأكْسَبَهم ذلا وخِزْيا وحَسْرة وندامة، وأمدَّ يس -صلى الله عليه وسلم- بتأييد الصَّافَّات٢، فصاد الزُّمر يوم بدره، وأوقع بهم ما أوقع صناديدهم في القَليب٣ مكدوس ومكبوب، حين شَالَت بهم النَّعامة٤، وغفر غافر الذنب وقابل التوب للبدريين -رضي الله عنهم- ما تقدم وما تأخر حين فُصِّلَت كلمات الله، فذلّ من حقت عليه كلمة العذاب وأَيِسَ من السلامة، ذلك بأنَّ أمرهم شورى بينهم، وشغلهم زخرف الآخرة عن دخان الدنيا، فجثوا أمام الأحقاف٥ لقتال أعداء محمد -صلى الله عليه وسلم- يمينه وشماله وخلقه وأمامه، فأُعطوا الفتح وبُوِّئُوا حُجُرَات الجنان، وحين تلوا: ق والقرآن المجيد، وتدبَّروا جواب قسم الذاريات٦ والطور، لاح لهم نجم الحقيقة وانشقَّ لهم قمر اليقين، فنافروا السآمة، ذلك بأنهم أمَّنهم الرحمن إذا وقعت الواقعة،


١ واد بين المدينة والشام، وهو منازل ثمود.
٢ الملائكة تصف نفوسها للعبادة.
٣ القليب: البئر.
٤ شالت نعامتهم: خفت منازلهم منهم، أو تفرقت كلمتهم، أو ذهب عزهم.
٥ واد باليمن به منازل عاد.
٦ الذاريات: الرياح تذر والتراب وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>