للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنتم إلى إمام فاعل١، أحوج منكم إلى إمام قائل٢"، ثم نزل، فبلغ ذلك عمرو بن العاص فاستحسنه.

وكان يزيد بن المُهَلَّب وَلَّى ثابت قُطْنَة٣ بعض قرى خُراسان٤، فلما صَعِدَ المنبر يوم الجمعة، قال: الحمد لله، ثم أرتج عليه، فنزل وهو يقول:

فإلَّا لا أكن فيكم خطيبًا فإنني ... بسيفي إذا جَدَّ الوَغَى لَخَطِيب

فقيل له: "لو قلتها فوق المنبر، لكنتَ أخطبَ الناس".

وخطب معاوية بن أبي سفيان لما وَلِيَ، فَحَصِر فقال:

"أيها الناس: إني كنت أعددتُ مقالا أقوم به فيكم، فَحُجِبْتُ عنه، فإن الله يَحُول بين المَرْءِ وقلبه، كما قال في كتابه٥، وأنتم إلى إمام عَدْل، أَحْوَجُ منكم إلى إمام خطيب، وإني آمُرُكم بما أمر الله به ورسوله، وأنهاكم عما نهاكم الله عنه ورسوله، وأستغفر الله لي ولكم".

وصعد خالد بن عبد الله القَسْرِي يومًا المنبر بالبصرة ليخطب فأرتج عليه، فقال:


١ في عيون الأخبار: "إمام عادل".
٢ وفي أمالي السيد المرتضي أن هذا القول يروى لعثمان بن عفان، وفي وفي روايتها: "إما فعال" و"إما قوال" بصيغة المبالغة، وفي الأغاني أنه يروى لثابت قطنة، وفيه: "أمير فعال" و"أمير قوال".
٣ هو ثابت بن كعب، ولقب قطنة لأن سهما أصابه في إحدى عينيه، فذهب بها في بعض حروب الترك، فكان يجعل عليها قطنة، وهو شاعر فارس شجاع من شعراء الدولة الأموية، وكان في صحابة يزيد بن المهلب، وكان يوليه أعمالا من أعمال الثغور، فيحمد فيها مكانه لكفايته وشجاعته، وقد مال إلى قول المرجئة، وله قصيدة في الإرجاء، انظر ترجمته في الأغاني ج١٣ ص٤٧.
٤ وفي رواية: أنه خطب على منبر سجستان، وفي رواية الطبري: "فخطب الناس فحصر فقال: "من يطع الله ورسوله فقد ضل" وأرتج عليه فلم ينطق بكلمة، فلما نزل عن المنبر قال البيت المذكور.
٥ الآية الكريمة: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَْ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>