للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال بعضهم: قل في الزيت، فقال: "الزيت مبارك١، فكلوا منه وادَّهِنُوا".

قال: فهو قول الشُّطَّار٢ اليوم، إذا قيل لِمَ فعلت ذا؟ فقل في شأن الزيت، وفي حال الزيت.

وروى الجاحظ أنه قيل لرجل من الوُجُوه: قم فاصْعَدِ المنبر وتكلم، فلما صَعِدَ حَصِرَ وقال: "الحمد لله الذي يرزق هؤلاء" وبقي ساكتا فأنزلوه. وصعد آخر، فلما استوى قائمًا، وقابل بوجهه وجوه الناس، وقعت عينُه على صَلعَة٣ رجل فقال: "اللهم الْعَنْ هذه الصَّلْعَة".

وقيل لوازع اليَشْكُرِيّ: قم فاصعد المنبر وتكلم، فلما رأى جمع الناس قال: "لولا أن امرأتي -لعنها الله- حَمَلَتْنِي على إتيان الجمعة اليوم ما جَمَّعْتُ، وأنا أُشْهِدُكم أنها مني طالق ثلاثا".

ودُعِي أيوب بن القِرِّيَّة لكلام، فاحتبس القول عليه، فقال: "قد طال السَّمَرُ، وسقط القمر، واشْتَدَّ المطر، فماذا يُنْتَظَرُ؟ " فأجابه فتى من عبد القَيْس فقال: "قد طال الأَرَق، وسقط الشَفَق، وكثر اللَّثَق٤ فلينْطِق من نَطَق".


١ يشير إلى الآية الكريمة: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ} .
٢ الشطار جمع شاطر: وهو من أعيا أهله خبثًا، والمراد به هنا أهل الدعارة وأصحاب النوادر والتنكيت والفكاهات.
٣ الصلع: موضع الصلع.
٤ لثق يوما كفرح: ركدت ريحه وكثر نداه.

<<  <  ج: ص:  >  >>