للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجمع حاشيتيه١، ورفع قطريه٢، فرد رسن٣ الإسلام على غربه٤، ولم شعثه بطبه، وانتاش٥ الدين فنعشه؛ لما أراح٦ الحق على أهله، وقرر الرءوس على كواهلها٧ وحقن الدماء في أهبها٨، أتته منيته، فسد ثلمته بنظيره في الرحمة، وشقيقه في السيرة والمعدلة، ذاك ابن الخطاب؛ فلله در أم٩ حملت به، ودرت عليه، لقد أوحدت١٠ به، ففنخ١١ الكفرة، وديخها١٢، وشرد الشرك شذر مذر١٣، وبعج١٤ الأرض وبخعها١٥، فقاءت أكلها١٦ ولفظت خبأها، ترأمه١٧ ويصدف عنها، وتصدى١٨ له ويأباها، ثم وزع فيها فيئها، وودعها كما صحبها، فأروني ماذا ترتئون، وأي يومي أبي تنقمون، أيوم إقامته إذا عدل فيكم أم يوم ظعنه إذ نظر لكم١٩؟ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، ثم أقبلت على الناس بوجهها، فقالت: أنشدكم الله هل أنكرتم مما قلت شيئًا، قالوا: اللهم لا".

"صبح الأعشى ١: ٢٤٨، والعقد الفريد٢: ٢٠٦، ونهاية الأرب ٧: ٢٣٠".


١ حاشية كل شيء: جانبه وطرفه.
٢ القطر: الناحية.
٣ الحبل.
٤ الغرب: حد الشيء.
٥ انتشل، ونعشه الله كأنعشه، ونعشه: رفعه.
٦ أراح على فلان حقه: رده عليه.
٧ الكاهل: مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق.
٨ جمع إهاب، وهو الجلد، والمراد الأجسام.
٩ الدر: اللبن والنفس والعمل.
١٠ أوحدت المرأة: ولدت واحدًا، أي جاءت به منفردًا لا نظير له.
١١ أذل وقهر.
١٢ داخ البلاد ودوخها وديخها: قهرها واستولى على أهلها.
١٣ تفرقوا شذر مذر: ذهبوا في كل وجه.
١٤ شقها: كناية عن الفتح.
١٥ قهر أهلها واستخرج ما فيها من الكنوز وأموال الملوك.
١٦ الأكل: ما يؤكل، أي أخرجت خيراتها.
١٧ تعطف عليه، ويصدف أي يعرض.
١٨ تتعرض.
١٩ أي فيما يصلحكم فولى عليكم عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>