للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشجاره مغنة١، وأطياره مرنة٢، فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات٣، فأصبنا من فضلات المزاود، وأتبعناها الماء البارد، فإنا لنصف حر يومنا ومماطلته، إذ صر أقصى الخيل أذنيه٤، وفحص الأرض بيديه، فوالله ما لبث أن جال، ثم حمحم٥ فبال، ثم فعل فعله الفرس الذي يليه واحدًا فواحدًا، فتضعضعت الخيل، وتكعكعت٦ الإبل، وتقهقرت البغال، فمن نافر بشكاله٧، وناهض بعقاله، فعلمنا أنا قد أتينا، وأنه السبع لا شك فيه، ففزع كل واحد منا إلى سيفه، فاستله من جربانه٨، ثم وقفنا رزدقًا أرسالا٩، وأقبل أبو الحارث من أجمته، يتظالع١٠ في مشيته، كأنه مجنوب أو في هجار١١، لصدره نحيط١٢ ولبلاعمه غطيط١٣، ولطرفه وميض، ولأرساغه نقيض١٤ كأنما يخبط هشيمًا، أو يطأ صريمًا١٥، وإذا هامة كالمجن١٦ وخد كالمسن، وعينان سجراوان١٧ كأنهما سراجان يتقدان،


١ أغن الذباب: صوت، ويقال: واد مغن، وهو الذي صار فيه صوت الذباب، ولا يكون الذباب إلا في واد مخصب معشب، والغنة "بالضم" صوت في الخيشوم، والأغن: الذي يتكلم من قبل خياشيمه، غن يغن بالفتح فهو أغن، ومنه قالوا واد أغن: أي كثير العشب؛ لأنه إذا كان كذلك ألفه الذباب وفي أصواتها غنة، وروضة غناء كذلك، أو تمر فيها الرياح غير صافية الصوت لكثافة عشبها.
٢ رنت وأرنت: صاحت.
٣ الكنهبل: شجر عظام، والمزاود: جمع مزود كمنبر، وهو وعاء الزاد.
٤ صر الحمار بأذنه وصرها وأصر بها: سواها ونصبها للاستماع.
٥ الحمحمة والتحمحم: صياح الفرس حين يقصر في الصهيل ويستعين بنفسه، وصوته إذا طلب العلف.
٦ خافت وفزعت، كعكعته فتكعكع: جبنته وخوفته.
٧ الشكال: الحبل الذي تشد به قوائم الدابة.
٨ الجربان: غمد السيف.
٩ الرزدق: الصف من الناس والأرسال جمع رسل كسبب، وهو القطيع من كل شيء.
١٠ من ظلع كمنع: إذا غمز في مشيه.
١١ جنبه: قاده إلى جنبه، فهو جنيب ومجنوب ومجنب والهجار: حبل يشد في رسغ رجل البعير ثم يشد إلى حقوه، وإن كان مرحولًا شد إلى الحقب.
١٢ النحيط: الزفير، والناحط: من يسعل شديدًا.
١٣ غط البعير غطيطًا: هدر، والنائم صوت وكذا المذبوح والمخنوق.
١٤ نقيض الأصابع والأضلاع والمفاصل: أصواتها.
١٥ ثمر صريم: أي مقطوع.
١٦ المجن: الترس.
١٧ عين سجراء: خالطت بياضها حمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>