للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال علقمة: كانت لجدي الأحوص؛ وإنما صارت لعمك بسببه، وقد قعد عمك عنها، وأنا استرجعتها؛ فأنا أولى بها منك، فشرى١ الشر بينهما، وسار إلى المنافرة. فقال علقمة: إن شئت نافرتك؛ فقال عامر قد شئت. والله إني لأكرم منك حسبًا٢، وأثبت منك نسبًا، وأطول منك قصبًا٣.

فقال علقمة: والله لأنا خير منك ليلًا ونهارًا؛ فقال عامر: والله لأنا أحب إلى نسائك أن أصبح فيهم منك، أنا أنحر منك للقاح٤، وخير منك في الصباح، وأطعم منك في السنة الشياح٥.

فقال علقمة: أنا خير منك أثرًا، وأحد منك بصرًا، وأعز منك نفرًا، وأشرف منك ذكرًا؛ فقال عامر: ليس لبني الأحوص فضل على بني مالك في العدد، وبصري ناقص، وبصرك صحيح؛ ولكني أنافرك، إني أسمى منك سمة٦، وأطول منك قمة، وأحسن منك لمة٧، وأجعد منك جمة٨، وأسرع منك رحمة، وأبعد منك همة؛ فقال: علقمة: أنت رجل جسيم؛ فقال عامر. آباؤك أعمامي، ولم أكن لأنافرك بهم لكني أنافرك، أنا خير منك عقبًا، وأطعم منك جدبًا. فقال علقمة: قد علمت أن لك عقبًا، وقد أطعمت طيبًا، ولكن أنافرك، إني خير منك، وأولى بالخيرات منك.

فخرجت أم عامر -وكانت تسمع كلامهما- فقالت: يا عامر نافره، أيكما أولى الخيرات. قال عامر: إني والله لأركب منك في الحماة، وأقتل منك للكماة.١٠،


١ استطار.
٢ الحسب: ما تعده من مفاخر آبائك، أو الشرف الثابت في الآباء، أو الكرم، أو الشرف في الفعل أو الفعال الصالح.
٣ القصب عظام اليدين والرجلين ونحوهما، كناية عن طول قامته.
٤ الإبل: واحدتها لقوح.
٥ الشياح: القحط.
٦ السمة: القرابة، ويروى أنا أنشر منك أمة، أي أكثر قومًا.
٧ اللمة: الشعر المجارز شحمة الأذن.
٨ مجتمع شعر الرأس.
٩ نحيف من القضف، وهو النحافة.
١٠ جمع كمي، وهو الشجاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>