للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخير منك لمولى والمولاة: فقال له علقمة: والله إني لبر، وإنك لفاجر، وإني لولود، وإنك لعاقر١، وإني لعف، وإنك لعاهر، وإني لوفي، وإنك لغادر؛ ففيم تفاخرني يا عامر؟ فقال عامر: والله إني لأنزل منك للقفرة٢، وأنحر منك للبكرة٣ وأطعم منك للهبرة٤، وأطعن منك للثغرة؛ فقال علقمة: والله إنك لكليل البصر، نكد النظر، وثاب على جاراتك بالسحر.

فقال بنو خالد بن جعفر -وكانوا يدًا مع بني الأحوص على بني مالك بن جعفر- لن تطيق عامرًا؛ ولكن قل له أنافرك وأقر بنا إلى الخيرات؛ فقال له علقمة هذا القول، فقال عامر: عير٥ وتيس، وتيس وعنز. فذهبت مثلًا. نعم، على مائة من الإبل إلى مائة من الإبل يعطاها الحكم، أينا نفر عليه صاحبه أخرجها؛ ففعلوا ذلك، ووضعوا بها رهنًا من أبنائهم على يدي رجل يقال له خزيمة بن عمرو بن الوحيد؛ فسمي "الضمين".

وخرج علقمة ومن معه من بني خالد، وخرج عامر فيمن معه من بني مالك، وجعلا منافرتهما إلى أبي سفيان بن حرب بن أمية؛ فلم يقل بينهما شيئًا، وكره ذلك لحالهما وحال عشيرتهما، وقال: أنتما كركبتي البعير الأدرم٦، قالا: فأينا اليمين؟ قال كلا كما يمين، وأبى أن يقضي بينهما؛ فانطلقا إلى أبي جهل بن هشام فأبى أن يحكم بينهما -وقد كانت العرب تحاكم إلى قريش- فأتيا عيينة بن حصن بن حذيفة،


١ رجل عاقر: لم يولد ولد.
٢ القفر: القفر. الخلاء من الأرض.
٣ البكرة: الفتية من الإبل.
٤ الهبرة: قطعة مجتمعة من اللحم. هبره قطعه قطعًا كبارًا، وهبر له من اللحم هبرة قطع قطعة.
٥ العير: الحمار وغلب على الوحشي، وهو أقوى من التيس، أي مثلي وإياك كالعير والتيس، أو على الأقل كالتيس والعنز؛ إذ التيس أقوى على النطاح من العنز، وفي المثل: "كان عنزًا فاستتيس" أي صار تيسًا. يضرب الذليل الضعيف يصير عزيزًا قويًّا.
٦ درم العظم: واراه اللحم حتى يبن له حجم، وامرأة درماء لا تستبين كهوبها ومرافقها، وكل ما غطاه الشحم واللحم وخفي حجمه فقد درم.

<<  <  ج: ص:  >  >>