للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهما كافر، تراها ضلالة وتعبد اللات والعزى١ غواية، وأنشدكم الله هل تعلمون أنه بايع البيعتين كلتيهما: بيعة الفتح٢ وبيعة الرضوان٣، وأنت يا معاوية بإحداهما كافر، وبالأخرى ناكث، وأنشدكم الله هل تعلمون أنه أول الناس إيمانًا، وأنك يا معاوية وأباك من المؤلفة قلوبهم، تسرون الكفر وتظهرن الإسلام، وتُستمالون بالأموال، وأنشدكم الله ألستم تعلمون أنه كان صاحب راية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يوم بدر، وأن راية المشركين كانت مع معاوية ومع أبيه؟ ثم لقيكم يوم أحد ويوم الأحزاب ومعه راية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، ومعك ومع أبيك راية الشرك، وفي كل ذلك يفتح الله له، ويفلج٤ حجته، وينصر دعوته، ويصدق حديثه، ورسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله في تلك المواطن كلها عنه راضٍ، وعليك وعلى أبيك ساخط؛ وأنشدك الله يا معاوية أتذكر يومًا جاء أبوك على جمل أحمر، وأنت تسوقه، وأخوك عتبة هذا يقوده، فرآكم رسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "اللهم العن الراكب والقائد والسائق" أتنسى يا معاوية الشعر الذي كتبته إلى أبيك لما هم أن يسلم تنهاه عن ذلك:

يا صخر لا تسلمن يومًا فتفضحنا ... بعد الذين ببدر أصبحوا مِزَقا٥

خالي وعمي وعم الأم ثالثهم ... وحنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا٦


١ اللات: صنم ثقيف بالطائف، والعزى: أكبر صنم لقريش، وكان ببطن نخلة.
٢ روى الطبري في تاريخه –بعد أن أورد خبر فتحه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة سنة ثمان للهجرة، وخطبته حين وقف على باب الكعبة –قال: "ثم اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله على الإسلام فجلس لهم- فيما بلغني – على الصفا، وعمر بن الخطاب تحت رسول الله أسفل من مجلسه يأخذ على الناس، فبايع رسول الله على السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا، وكذلك كانت بيعته لمن بايع رسول الله من الناس على الإسلام، فلما فرغ رسول الله من بيعة الرجال بايع النساء، واجتمع إليه نساء من نساء قريش فيهن هند بنت عتبة "أم معاوية" ... إلى آخر القصة –تاريخ الطبري ٣: ١٢١– وكان معاوية ممن أسلم بعد الفتح.
٣ بيعة الرضوان كانت سنة ست هجرية في غزوة الحديبية حين دعا الرسول صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسلمين للبيعة على القتال، فبايعوه على الموت تحت شجرة هناك سميت بعد بشجرة الرضوان.
٤ ينصر.
٥ المزق: جمع مِزقة بالكسر، وهي القطعة من الثوب وغيره.
٦ أي لشدة الحزن والأسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>