للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسفاح، فتحاكم فيك أربعة من قريش، فغلب عليك جزّارها؛ ألأمهم حسبا، وأخبثهم منصبا، ثم قام أبوك فقال: أنا شاني محمد الأبتر١. فأنزل الله فيه ما أنزل، وقاتلت رسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله في جميع المشاهد، وهجوته وآذيته بمكة، وكدته كيدك كله، وكنت من أشد الناس له تكذيبا وعداوة، ثم خرجت تريد النجاشي مع أصحاب السفينة؛ لتأتي بجعفرٍ وأصحابه إلى أهل مكة٢. فلما أخطأك ما رجوت، ورجعك الله خائبًا وأكذبك واشيًا، جعلت حسدك على صاحبك عمارة بن الوليد، فوشيت به إلى النجاشي حسدًا لما ارتكب من حليلته٣، ففضحك الله، وفضح صاحبك، فأنت عدو بني هاشم


= وأمية بن خلف الجمحي، وهشام بن المغيرة المخزومي، وأبو سفيان بن حرب، والعاص بن وائل السهمي في طهر واحد، فولدت عمرًا، فادعاه كلهم، فحكمت أمه فيه، فقالت: هو من العاص بن وائل؛ وذاك لأن العاص كان ينفق عليها كثيرًا، قالوا: وكان أشبه بأبي سفيان، وفي ذلك يقول أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب في عمرو بن العاص:
أبوك أبو سفيان لا شك قد بدت ... لنا فيك منه بينات الشمائل
ويقال: إنه جعل لرجل ألف درهم أن يسأل عمرًا وهو على المنبر: من أمه؟ فسأله، قال: أمي سلمى بنت حرملة تلقب بالنابغة من بني عنزة أصابتها رماح العرب فبيعت بعكاظ، فاشتراها الفاكه بن المغيرة، ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان، ثم صارت إلى العاص بن وائل، فولدت، فأنجبت، فإن كان جُعل لك شيء فخذه.
"ورأيي فيما رُويَ من نسب عمرو بن العاص أن الإسلام يجب ما قبله".
١ الشانئ: المبغض، ويسهل: وذلك أن العاص بن وائل سمى النبي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبتر عند موت ابنه القاسم، فنزل فيه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} أي المنقطع عن كل خير، الذي لا يفوز بالذكر الحسن بعد موته، وأما أنت يا محمد فسيبقى حسن ذكرك، وآثار فضلك إلى يوم القيامة، فهو الأبتر لا أنت.
٢ يشير إلى هجرة الحبشة الثانية، وقد هاجر إليها من المسلمين نحو ثلاثة وثمانين رجلا وثمان عشرة امرأة، وكان من الرجال جعفر بن أبي طالب، ولما رأت قريش ذلك أرسلت في أَثَرِهِم عمرو بن العاص، وعمارة بن الوليد، بهدايا إلى النجاشي وبطارقته، ليسلم المسلمين، فرجعا خائبين، وأبى النجاشي أن يخفر ذمته.
٣ وذلك أن عمرا وعمارة ركبا البحر إلى الحبشة كما قدمنا –وكان عمارة جميلا وسيما تهواه النساء، وكان مع عمرو بن العاص امرأته- فلما صاروا في البحر ليالي أصابا من خمر معهما، فانتشى عمارة، فقال لامرأة عمرو: قبليني، فقال لها عمرو: قبلي ابن عمك، فقبلته، فهويها عمارة، وجعل يراودها عن نفسها =

<<  <  ج: ص:  >  >>