للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أنت وقريش!، إنما أنت عِلْجٌ من أهل صفورية١، وأقسم بالله لأنت أكبر في الميلاد وأسن ممن تدعى إليه.

وأما أنت يا عتبة، فوالله ما أنت بحصيف٢ فأجيبك، ولا أقل فأحاورك وأعاتبك، وما عندك خير يرجى، ولا شر يتقى، وما عقلك وعقل أمتك إلا سواء، وما يضر عَلِيًّا لو سببته على رءوس الأشهاد؟ وأما وعيدك إياي بالقتل، فهلا قتلت اللحياني إذ وجدته على فراشك؟ أما تستحيي من قول نصر بن حجاج فيك:

يا للرجال وحادث الأزمان ... ولسبة تخزي أبا سفيان٣

نبئت عتبة خانه في عرسه ... جنس لئيم الأصل من لحيان٤

وبعد هذا ما أربأ بنفسي عن ذكره لفحشه، فكيف يخاف أحد سيفك؟ ولم تقتل فاضحك. وكيف ألومك على بغض عليٍّ، وقد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر، وشرك حمزة في قتل جدك عتبة، وأوحدك من أخيك حنظلة في مقام واحد.

وأما أنت يا مغيرة، فلم تكن بخليق أن تقع في هذا وشبهه، وإنما مثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة: "استمسكي فإني طائرة عنك" فقالت النخلة: وهل علمت بك واقعةً عليَّ، فأعلم بك طائرة عني؟ والله ما نشعر بعداوتك إيانا، ولا اغتممنا إذ علمنا بها ولا يشق علينا كلامك، وإنَّ حد الله في الزنا لثابت عليك ولقد درأ عمر عنك حقًّا، الله سائله عنه. ولقد سألتَ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: هل ينظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوجها؟ فقال: لا بأس بذلك يا مغيرة ما لم ينو الزنا، لعلمه بأنك زانٍ، وأما


١ صفورية: بلد بالأردن "بضم الهمزة والدال وتشديد النون"، والعلج: الرجل من كفار العجم وذلك أن جده ذكوان كان يلقب بالصفوري، ذكر جماعة من النسابين أن ذكوان هذا كان مولى لأمية بن عبد شمس، فتبناه، وكناه أبا عمرو، فبنوه موالٍ، وليسوا من بني أمية لصلبه "شرح ابن أبي الحديد م١: ص١٥٤".
٢ حصف: ككرم استحكم عقله، فهو حصيف.
٣ السبة: العار.
٤ عرس الرجل: امرأته: وبنو لحيان: حي من هذيل، وهو لحيان بن هذيل بن مدركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>