للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَمَّى عَلِيًّا المؤمن، حيث تفاخرتما، فقلت له: اسكت يا عليُّ، فأنا أشجع منك جَنَانًا، وأطول منك لسانًا، فقال لك علي: اسكت يا وليد، فأنا مؤمن وأنت فاسق، فأنزل الله تعالى في موافقة قوله: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} ثم أنزل فيك على موافقة قوله أيضًا {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} ١ ويحك يا وليد؟ مهما نسيت فلا تنس قول الشاعر فيك وفيه:

أنزل الله "والكتاب عزيز" ... في علي وفي الوليد قُرانا٢

فتبوَّا الوليد إذ ذاك فسقا ... وعلي مبوَّأٌ إيمانا٣

ليس من كان مؤمنًا "عمرك اللـ ... ـه" كمن كان فاسقا خوَّانا

سوف يُدعَى الوليد بعد قليل ... وعلي إلى الحساب عيانا

فعلي يجزى بذاك جنانا ... ووليد يجزى بذاك هوانا

رب جد لعقبة بن أبان ... لابس في بلادنا تُبَّانا٤


= صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل به ذلك، فأنزل الله فيه: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي في حجر الكعبة، فأقبل عقبة، فوضع ثوبه في عنق رسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر، فأخذ بمنكبه، ودفعه عن الرسول، وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} فلما كانت غزوة بدر كان عقبة من أسراها، وقد قتله عليه الصلاة والسلام وهو راجع.
١ وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام كان قد بعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق لأخذ الصدقات -وكان بينه وبينهم ترة في الجاهلية- فلما سمعوا به استقبلوه، فحسبهم مقاتليه، فرجع، وقال لرسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنهم قد ارتدوا ومنعوا الزكاة، فهم بقتالهم، فأتوه منكرين ما قاله عنهم، فنزلت الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} .
٢ مسهل عن: "قرآنا".
٣ فتبوا: مسهل عن: "فتبوأ".
٤ أبان: هو والد أبيه عقبة، فهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط أبان بن أبي عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس، والتبان: سروال صغير مقدار شبر يستر العورة المغلظة فقط يكون للملاحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>