للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: ذريني فإني امرؤ ... أريد النجاشي في جعفر

لأكويه عنده كية ... أقيم بها نخوة الأصعر١

وشانئ أحمد من بينهم ... وأقولهم فيه بالمنكر

وأجري إلى عتبة جاهدا ... ولو كان كالذهب الأحمر٢

ولا أنثني عن بني هاشم ... وما اسطعت في الغيب والمحضر

فإن قبل العتب مني له ... وإلا لويت له مشفري٣

فهذا جوابك. هل سمعته؟

وأما أنت يا وليد، فوالله ما ألومك على بغض علي، وقد جلدك ثمانين في الخمر٤، وقتل أباك بين يدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ صَبْرًا٥، وأنت الذي سماه اللهُ الفاسق


١ الصعر محرَّكة: الميل في الخد، صعر: كفرح فهو أصعر، وصعر خده تصعيرًا: أماله من الكبر.
٢ كان من بين المهاجرين من المسلمين إلى الحبشة عتبة بن غزوان، وهو من بني نوفل بن عبد مناف، وعتبة بن مسعود "وهو أخو عبد الله بن مسعود" من هذيل من حلفائهم، وأظنه يعني عتبة بن غزوان، وقوله: ولو كان كالذهب الأحمر: أي في صعوبة الوصول إليه.
٣ المشفر للبعير: كالشفة للإنسان، وقد يستعمل في الناس.
٤ وذلك أن عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بعد أن عزل سعد بن أبي وقاص من إمارة الكوفة، ولى عليها الوليد بن عقبة –وهو أخوه لأمه- ورووا أنه شرب الخمر بالكوفة وسكر حتى دخل عليه، وأخذ خاتمه من أصبعه وهو لا يعلم، وأنه تكلم في الصلاة، والتفت إلى من يقتدون به فيها وهو سكران، وقال لهم: أزيدكم؟ قالوا: لا قد قضينا صلواتنا، وشهد الشهود عليه بذلك عند عثمان في وجهه، فأدخله بيتًا، وأراد أن يحده، فجعل إذا بعث إليه رجلا من قريش ليضربه ناشده الوليد ألا يقطع رحمه، فلما رأى عليٌّ ذلك أخذ السوط ودخل عليه فجلده به.
٥ القتل صبرا: أن يحبس الرجل ويرمى حتى يموت، وكان عقبة بن أبي معيط شديد الإيذاء لرسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عظيم الاستهزاء به، صنع مرة وليمة ودعا إليها كبراء قريش، وفيهم رسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال عليه الصلاة والسلام: والله لا آكل من طعامك حتى تؤمن بالله، فتشهد، فبلغ ذلك أبي بن خلف الجمحي، وكان صديقًا له، فقال: ما شيء بلغني عنك؟ قال: لا شيء دخل منزلي رجل شريف، فأبى أن يأكل طعامي حتى أشهد له، فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم، فشهدت له، قال أُبي: وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدًا فلم تطأ عنقه، وتبزق في وجهه، وتلطم عينه، فلما رأى عقبة رسول الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>