للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: أن ماء البحر ليس بنجس وهو طاهر بلا شك، وسؤال الصحابي من أجل أن يعلم هل هو طهور أم لا؟ فدل ذلك على أن الماء ثلاثة أقسام: طهور وطاهر ونجس.

واعترض عليه بما قاله شيخ الإسلام (١): وَقَدْ ثَبَتَ بِسُنَّةِ رَسُولِ الله أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَالْبَحْرُ مُتَغَيِّرُ الطَّعْمِ تَغَيُّرًا شَدِيدًا لِشِدَّةِ مُلُوحَتِهِ، فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ مَاءَهُ طَهُورٌ - مَعَ هَذَا التَّغَيُّرِ.

قلت: فدل ذلك على أن الماء قسمان: طهور ونجس.

واستدلوا بحديث أبي هريرة أن رسول الله قال: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» (٢). فإذا كان الماء الذي غمس فيه ليس بنجس، ولا يمكن التطهر منه، فهذا هو الماء الطاهر، وهو القسم الثالث من أقسام المياه.

وأما دليلهم من المعقول فقالوا: إن الماء لا يخلو إما أن يجوز الوضوء به أو لا، فإن جاز فهو الطهور، وإن لم يجز فلا يخلو إما أن يجوز شربه أو لا، فإن جاز فهو الطاهر، وإلا فهو


(١) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٢٦).
(٢) البخاري (٦٢)، دون قوله: «ثلاثًا»، ومسلم (٢٧٨).

<<  <   >  >>