للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النجس (١).

القول الآخر: أن الماء قسمان: طهور ونجس، وهو رواية عن الإمام أحمد (٢).

واستدلوا لهذا القول بعموم القرآن والسنة:

أما دليلهم من القرآن: فعموم قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [المائدة: ٦].

فكلمة (ماء) نكرة في سياق النفي فتعم كل ماء؛ سواء كان مطلقًا أو مقيدًا، مستعملًا أو غير مستعمل، خرج الماء النجس بالإجماع، وبقي ما عداه على أنه طهور (٣).

وقد استدل ابن المنذر بالآية على أن الماء قسمان: طهور ونجس، فقال: قال تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [المائدة: ٦]، فالطهارة على ظاهر كتاب الله بكل ماء إلا ما منع منه كتاب، أو سنة، أو إجماع. والماء الذي منع الإجماع الطهارة منه هو الماء الذي غلبت عليه النجاسة بلون، أو طعم، أو ريح (٤).

أما دليلهم من السنة: فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَالنَّتْنُ، وَلُحُومُ الْكِلَابِ؟ قَالَ: «الْمَاءُ طَهُورٌ، لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» (٥).


(١) «المبدع» (١/ ٣٢).
(٢) «المغني» (١/ ٢١)، و «شرح الزركشي» (١/ ١١٩).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٢٥ - ٢٦).
(٤) «الأوسط» (٢/ ٢٦٨).
(٥) ضعيف: مدار الحديث على سليط؛ فرواه خالد بن أبي نوف، عن سليط بن أيوب، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه به. أخرجه أحمد (٣/ ١٥/ ١٦) بإسقاط سليط، والنسائي (٣٢٧)، وخالد بن أبي نوف لين الحديث.
وسليط بن أيوب لين الحديث، وقد اختلف عليه: فرواه ابن إسحاق، وقد اختلف عليه ألوانًا:
أ - فروى عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد به. أخرجه أحمد (٣/ ٨٦)، و «شرح معاني الآثار» (١/ ١١).
ب - وروى عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع. أخرجه الدارقطني (١/ ٣١).
ج - وروى عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبيد الله بن رافع. أخرجه الطيالسي (٢١٩٩).
وقد أورد البيهقي الخلاف عن ابن إسحاق، في السنن الكبرى (١/ ٢٥٧) وَقَالَ: يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَلِيطٍ عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله بْنِ رَافِعٍ كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِىيُّ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَلِيطٍ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ، وَقِيلَ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الله بن أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله بْنِ رَافِعٍ. وَقِيلَ: عَنْ سَلِيطٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنْ أَبِيهِ.
وأخرجه أحمد (٣/ ٣١٩)، وأبو داود (٦٦)، والنسائي (١/ ١٧٤) وغيرهم من طريق الوليد ابن كثير، عن محمد بن كعب، عن عبيد الله بن عبد الله. نقل ابن عبد الهادي «التنقيح» (١/ ٢٠٦) عن الدارقطني «العلل» قال: (وأحسنها إسنادًا حديث الوليد بن كثير عن محمد بن كعب، وحديث ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي سلمة.
الحاصل: أنه اختلف على ابن إسحاق في الواسطة بين سليط وأبي سعيد: هل هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، أو عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع، أو عبيد الله بن عبد الله بن رافع. وكيفما كان؛ فهو لا يُعرف حاله، كما في بيان «الوهم والإيهام» (١٠٥٩).
وأخرجه الطيالسي (٢١٥٥) من طريق قيس، عن طريف بن سفيان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وفي إسناده طريف ضعيف. فالحديث ضعيف، وله شواهد لا تخلو من مقال.

<<  <   >  >>