للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَلِيمٍ أَنَّهُ لَمْ يُطَهِّرْ الْعُضْوَ الثَّانِي إلاَّ بِمَاءٍ جَدِيدٍ قَدْ مَازَجَهُ مَاءٌ آخَرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي تَطْهِيرِ عُضْوٍ آخَرَ، وَهَذَا مَا لَا مَخْلَصَ مِنْهُ» (١).

واستدلوا بأن الماء إذا استعمل في التبرد والتنظيف فهذا الماء المستعمل طهور بالإجماع يجوز الوضوء به.

قال ابن قدامة: إَنَّ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي التَّبَرُّدِ وَالتَّنْظِيفِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (٢).

قلت: فعُلم أن الماء إذا استعمل في التبرد والتنظيف، ولم يرد به رفع الحدث، كان طهورًا بالإجماع، فبأي دليل يخرج عن طهوريته إذا نوى به رفع الحدث؟! وهل النية تُخْرجه عن طهوريته، والنية محلها القلب؟!

القول الثاني: ذهب الحنفية، والشافعية، والمشهور عن الحنابلة أن الماء المستعمل طاهر غير طهور (٣).

واستدلوا بما ورد في البخاري عن المسور ومروان بن الحكم، قالا: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ زَمَنَ الحُدَيْبِيةَ». .. وفيه: وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ (٤).

وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله، قال: جَاءَ رَسُولُ اللهِ يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ (٥).

وروى البخاري عن أبي جحيفة، قال: (خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ بِالهَاجِرَةِ، فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ فَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ) (٦).

فاستعمال الصحابة وضوء النبي والتمسح به دليل على أنه الماء المستعمل طاهر.


(١) «المحلى» (١/ ١٨٤).
(٢) «المغني» (١/ ٣٤).
(٣) «شرح فتح القدير» (١/ ٨٧)، و «الأم» (٨/ ١٠٠)، و «الإنصاف» (١/ ٣٥، ٣٦).
(٤) البخاري (٢٧٣٤).
(٥) البخاري (١٩٤)، ومسلم (١٦١٦).
(٦) البخاري (١٨٧).

<<  <   >  >>