للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ فِي نَهْيِ الْجُنُبِ وَمَنْ لَيْسَ عَلَى طُهْرٍ عَنْ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا مِنِ الْقُرْآنِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ (١).

أما دليلهم من المأثور: فعَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنُبٌ (٢).

وعن ابن عمر أنه قال: «لَا يَسْجُد الرَّجُلُ وَلَا يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنُبٌ» (٣).

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ هَلْ تَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: لَا (٤).

واعترض عليه: بأنه لا يصح.

القول الثاني: جواز قراءة القرآن للجنب والحائض، وهو قول الشافعي في القديم ورواية عن أحمد وابن تيمية وابن القيم والظاهرية والبخاري والطبري وابن المنذر (٥).

واستدلوا بعموم حديث عائشة: «كَانَ النَّبِيُّ يَذْكُرُ الله عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» (٦). وذِكْر الله يشمل التسبيح والتحميد وقراءة القرآن.

والدليل على أن القرآن ذِكْر عموم قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، وعموم قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [الحجر: ٩].

وفي الصحيحين من حديث عائشة لما خرجَتْ للحج فحاضت فقال لها النبي : «فَافْعَلِي


(١) «المحلى» (مسألة ١١٦).
(٢) صحيح: أخرجه عبد الرزاق (١٣٠٧)، وابن أبي شيبة (١/ ٩٧) وغيرهما.
(٣) صحيح: وقد سبق.
(٤) أخرجه الدارقطني (١/ ١٢١) وفي إسناده يحيى بن أبي أنيسة: متروك. قلت وورد عن ابن مسعود بهذا المعنى، أخرجه ابن أبي شيبة (١٠٨٧)، وفيه انقطاع بين إبراهيم النخعي وابن مسعود.
(٥) «روضة الطالبين» (١/ ٨٦)، و «المجموع» (٢/ ٣٨٧)، و «فتح الباري» (١/ ٤٠٧)، و «المحلى» (١/ ٩٤)، و «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١١)، و «الإنصاف» (١/ ٢٤٩)، و «الأوسط» (٢/ ٩٩).
(٦) «البخاري» (٣٠٥)، و «مسلم (١١٧).

<<  <   >  >>