للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجعل النبي وجود الحيض علامة على براءة الرحم من الحمل.

واعترض عليه بما قاله ابن عبد البر: إن الحامل لا براءة لرحمها بغير الوضع، والحائل لا براءة لرحمها بغير الحيض لأن الحامل لا تحيض (١).

قال ابن القيم: وَالنَّبِيُّ قَسَّمَ النِّسَاءَ إِلَى قِسْمَيْنِ: حَامِلٌ فَعِدَّتُهَا وَضْعُ حَمْلِهَا، وَحَائِلٌ فَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ، وَنَحْنُ قَائِلُونَ بِمُوجَبِ هَذَا غَيْرُ مُنَازِعِينَ فِيهِ، وَلَكِنْ أَيْنَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا تَرَاهُ الْحَامِلُ مِنَ الدَّمِ عَلَى عَادَتِهَا تَصُومُ مَعَهُ وَتُصَلِّي؟ هَذَا أَمْرٌ آخَرُ لَا تَعَرُّضَ لِلْحَدِيثِ بِهِ (٢).

وروى مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَر ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ ، فَقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا» (٣).

وجه الدلالة أنه لو كان مع الحمل حيض حرم الطلاق في فترة الحيض التي في الحمل.

وروى الدارمي عَنْ عَائِشَةَ، فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ، قَالَتْ: «تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي» (٤).

واعترض عليه بأنه ورد ما يعارض هذا، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «إِذَا رَأَتِ الْحُبْلَى الدَّمَ، فَلْتُمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ حَيْضٌ».

واستدلوا أيضًا بأن دم الحيض يتحول إلى غذاء للجنين.

واعترض عليه بما قاله ابن القيم: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ الله - سُبْحَانَهُ - أَجْرَى الْعَادَةَ بِانْقِلَابِ


(١) فتح البر بتربيب التمهيد (٣/ ٤٩٨، ٤٩٩).
(٢) زاد المعاد (٤/ ٢٥٣ - ٢٣٦).
(٣) مسلم (١٤٧١).
(٤) أخرجه الدارمي (٩٣٣) وفي إسناده: مطر الوراق فيه ضعف، وأخرجه عبد الرزاق (١٢١٤)، وفي إسناده: سليمان بن موسى: فيه ضعف قريب، وقال الحافظ: صدوق يهم. فقد يحسن بمجموع الطرق.

<<  <   >  >>