فخر الدين، قال: نقل في بعض الكتب القديمة، أن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - كان ينكر سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآن، وهو في غاية الصعوبة، لأنا إن قلنا: أن النقل المتواتر كان حاصلا في عصر الصحابة بكون ذلك من القرآن، فإنكاره يوجب الكفر، وإن قلنا: لم يكن حاصلا في ذلك الزمن، فيلزم أن القرآن ليس بمتواتر في الأصل، والأغلب على الظن، أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل باطل، وبه يحصل الخلاص من هذه العقدة.
وكذا قال القاضي أبو بكر: لم يصح أنها ليست بقرآن، ولا حفظ عنه، إنما [حكها]، وأسقطها من مصحفه، إنكارا لكتابتها، لا جحدا لكونها قرآنا، لأنه كانت السنة عنده أن لا يكتب - في المصحف - إلا ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإثباته فيه، ولم يجده كتب ذلك، ولا سمعه أمر به.
وقال النووي - رحمه الله تعالى - في شرح المهذب: أجمع المسلمون على أن (المعوذتين) و (الفاتحة) من القرآن، وأن من جحد منها شيئا كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل، ليس بصحيح.