الثاني: قال أبو البقاء: «أو» في النهي، نقيضة «أو» في الإباحة، فيجب اجتناب الأمرين، كقوله تعالى:{ولا تطع منهم إثماً أو كفوراً}[الإنسان: ٢٤]، فلا يجوز فعل أحدهما، فلو جمع بينهما كان فعلاً للنهي عنه مرتين؛ لأن كل واحد منهما أحدهما، وقال غيره:«أو» في مثل هذا بمعنى الواو تفيد الجمع، وقال الطيبي: الأولى أنها على بابها، وإنما جاء التعميم فيها [من النهي الذي فيه معنى النفي، والنكرة في سياق النفي تعم؛ لأن المعني قبل النهي: تطيع آثماً أو كفوراً، أي: واحداً منهما، فإذا جاء النهي ورد على ما كان ثابتاً، فالمعنى: لا تطع أحداً منهما، فالتعميم فيهما] من جهة النهي، وهي على بابها.
الثالث: لكون مبناها على عدم التشريك، عاد الضمير إلى مفردها بالإفراد، بخلاف (الواو)، وأما قوله:{إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما}[النساء: ١٣٥]، فقيل: إنهما بمعنى (الواو)، وقيل المعنى: إن يكن الخصمان غنيين أو فقيرين.
فائدة:
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: كل شيء في القرآن «أو» مخير، فإذا كان {فمن لم يجد}[المائدة: ٨٩]، فهو الأول فالأول.
وأخرج البيهقي في «سنته» عن ابن جريج، قال: كل شيء في القرآن