للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن الملك شيء عظيم لا يعطاه إلا من لا قوة، وكذا قوله تعالى: {يؤتى الحكمة من يشاء} [البقرة: ٢٦٩]، {ءاتينك سبعاً من المثاني} [الحجر: ٨٧]، لعظم القرآن وشأنه، وقال: {إنا أعطينك الكوثر} [الكوثر: ١]، لأنه مورود في الموقف مرتحل عنه، قريب إلى منازل العز في الجنة، فعبر فيه بالإعطاء، لأنه يترك عن قرب، وينتقل إلى ما هو أعظم منه، وكذا قوله: {يعطيك ربك فترضى} [الضحى: ٥]، لما فيه من تكرير الإعطاء والزيادة إلى أن يرضى كل الرضا، وهو مفسر أيضاً بالشفاعة، وه نظير الكوثر في الانتقال بعد قضاء الحاجة منه، وكذا قوله تعالى: {أعطى كل شيء خلقه} [طه: ٥٠]، لتكرر حدوث ذلك باعتبار الموجودات، {حتى يعطوا الجزية} [التوبة: ٢٩]، لأنها موقوفه على قبول منا، وإنما يعطونها عن كره.

فائدة:

قال الراغب: خص دفع الصدقة في القرآن بالإيتاء، نحو قوله تعالى: {وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة} [البقرة: ٢٧٧]، {وأقام الصلاة وءاتى الزكاة} [البقرة: ١٧٧]، قال: وكل موضع ذكر في وصف الكتاب «آتينا» فهو أبلغ من كل موضع ذكر فيه «أوتوا»، لأن «أوتوا» قد يقال إذا أوتي من لم يكن منه قبول، و «آتيناهم» يقال فيمن كان منه قبول.

ومن ذلك: السنة والعام، قال الراغب: [الغالب] استعمال السنة في الحول الذي فيه الشدة والجدب، ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة، والعام: ما فيه الرخاء والخصب، وبهذا تظهر النكتة في قوله تعالى: {ألف سنة إلا خمسين عاماً} [العنكبوت: ١٤]، حيث عبر عن المستثنى بالعام، وعن المستثنى منه بالسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>