للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إخبارًا بالغيب؛ سواء كان بهذا النظم، أو بغيره، موردًا بالعربية أو بلغة أخرى، بعبارة أو بإشارة فإذن النظم صورة القرآن، واللفظ والمعنى عنصره، وباختلاف الصور يختلف حكم الشيء واسمه لا بعنصره، كالخاتم، والقرط، والسور؛ فإنه باختلاف صورها [اختلفت] أسماؤها، لا بعنصرها الذي هو الذهب والفضة والحديد، فإن الخاتم المتخذ من الذهب ومن الفضة ومن الحديد يسمى خاتمًا، وإن كان العنصر مختلفًا، وإن اتخذ خاتم وقرط وسوار من ذهب اختلفت أسماؤها باختلاف صورها، وإن كان العنصر واحدًا.

قال: فظهر من هذا أن الإعجاز المختص بالقرآن يتعلق بالنظم المخصوص.

وبيان كون النظم معجزًا يتوقف على بيان نظم الكلام، ثم بيان أن هذا النظم مخالف لنظم ما عداه، فنقول: مراتب تأليف الكلام خمس:

الأولى: ضم الحروف المبسوطة بعضها إلى بعض، لتحصل الكلمات الثلاث: الاسم والفعل والحروف.

والثانية: تأليف هذه الكلمات لتحصل الجمل المفيدة، وهو النوع الذي يتداوله الناس جميعًا في مخاطباتهم، وقضاء حوائجهم، ويقال له المنثور من الكلام.

والثالثة: ضم بعض ذلك إلى بعض ضمًا له مبادئ ومقاطع، ومداخل ومخارج، ويقال له المنظوم.

والرابعة: أن يعتبر في أواخر الكلام مع ذلك تسجيع، ويقال له المسجع.

والخامسة: أن يجعل له مع ذلك وزن، ويقال له الشعر والمنظوم، إما محاورة ويقال له الخطابة، وإما مكاتبة ويقال له الرسالة؛ فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام، ولكل من ذلك نظم مخصوص، والقرآن جامع

<<  <  ج: ص:  >  >>