للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تنبيهان]

الأول: أنه وقع في كلامهم أبلغ مما ذكرنا، من تنزيلهم لفظاً موجوداً منزلة لفظ آخر، لكونه بمعناه، وهو تنزيلهم اللفظ المعدوم الصالح للوجود [بمنزلة الموجود]، كما في قوله:

بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابق [شيئاً] إذا كان جزائيا

[وقد مضى ذلك]

والثاني: أنه ليس بلازم أنه يعطي الشيء حكم ما هو في معناه، ألا ترى أن المصدر قد لا يعطى حكم أن أو أن وصلتهما، وبالعكس، دليل الأول: أنهم لم يعطوه حكمها في جواز حذف الجار، ولا في سدهما مسد جزأي الإسناد، ثم إنهم شركوا بين أن وأن في هذه المسألة في باب ظن، وخصوا أن الخفيفة وصلتها بسدها مسدهما في باب عسى، وخصوا الشديدة بذلك في باب لو. ودليل الثاني: أنهما لا يعطيان حكمه في النيابة عن ظرف الزمان، تقول: عجبت من قيامك، وعجبت أن تقوم، وأنك قائم، ولا يجوز: عجبت قيامك، وشذ قوله:

فإياك المراء فإنه ... إلى الشر دعاء وللشر جالب

فأجري المصدر مجرى أن تفعل في حذف الجار، وتقول: حسب أنه قائم، أو أن قام، ولا نقول: حسبت قيامك حتى تذكر الخبر، وتقول: عسى أن تقوم، ويمتنع: عسى أنك قائم، ومثلها في ذلك لعل، وتقول: لو أنك تقوم، ولا تقول: لو أن تقوم، وتقول: جئتك صلاة العصر، ولا يجوز: جئتك أن تصلي العصر، خلافاً لابن جني والزمخشري.

<<  <  ج: ص:  >  >>