الثانية عشرة: قولهم: علمت زيد من هو برفع «زيد» جوازا، لأنه نفس «من» في المعنى.
الثالثة عشرة: قولهم: إن أحداً لا يقول ذلك، فأوقع أحداً في الإثبات، لأنه نفس الضمير المستتر في «يقول»، والضمير في سياق النفي، فكأن «أحداً» كذلك، وقال:
في ليلة لا نرى بها أحداً ... يحكي علينا إلا كواكبها
فرفع كواكبها بدلاً من ضمير يحكي، لأنه راجع إلى «أحداً»، وهو واقع في سياق غير الإيجاب، فكان الضمير كذلك.
وهذا الباب واسع، ولقد حكى أبو عمرو بن العلاء أنه سمع شخصاً من أهل اليمن يقول: فلان لغوب أتته كتابي فاحتقرها، فقال له: كيف قلت: أتته كتابي؟ فقال: أليس الكتاب في معنى الصحيفة؟
وقال أبو عبيدة لرؤبة بن العجاج لما أنشد:
فيها خطوط من سواد وبلق ... كأنه في الجلد توليع البهق
إن أردت الخطوط فقل: كأنها، أو السواد والبلق فقل: كأنهما، فقال: أردت «ذلك» ويلك.
وقالوا: مررت برجل أبي عشرة نفسه، وبقوم عرب كلهم، وبقاع عرفج كله، برفع التوكيد فيهن، فرفعوا الفاعل بالأسماء الجامدة، وأكدوه لما لحظوا فيها المعنى، إذ كان العرب بمعنى الفصحاء، والعرفج بمعنى الخشن، والأب بمعنى الوالد.