النوع الرابع بعد المائة علم مقدمه ومؤخره أما التأخير: فهو أن يكون الكلام مقتضاه تقديم بعض الكلمات أو الجمل فتؤخر لحكمة في المؤخر.
فمن المؤخر وحقه التقديم ما أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى:{وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا}[التوبة: ٨٥]، قال: وهذا من تقاديم الكلام وتقول: لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الآخرة.
وأخرج عنه أيضًا في قوله تعالى:{وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى}[طه: ١٢٩]، قال: هذا من تقاديم الكلام يقول لولا كلمة وأجل مسمى لكان لزامًا. انتهى.
قوله: من تقاديم الكلام يعني قدم ما حقه أن يؤخر وأخر ما حقه أن يقدم. وأما تقديم المؤخر فسيأتي بَعْدُ. إن شاء الله تعالى.
وأخرج عن مجاهد في قوله تعالى: {أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١) قَيِّمًا} [الكهف: ١، ٢] قال: هذا من التقديم والتأخير أنزل على عبده الكتاب قيمًا ولم يجعل له عوجًا.