وقال تعالى في سورة (الأنعام): {يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي}[٩٥]، قال الإمام فخر الدين: لما كان الاعتناء بشأن إخراج الحي من الميت أشد، أتى فيه بالمضارع، ليدل على التجدد، كما في قوله تعالى:{الله يستهزئ بهم}[البقرة: ١٥].
[تنبيهات]
الأول: المراد بالتجدد في الماضي الحصول، وفي المضارع أن من شأنه أن يتكرر ويقع مرة بعد أخرى، صرح بذلك جماعة، منهم الزمخشري في قوله تعالى:{الله يستهزئ بهم}[البقرة: ١٥].
قال الشيخ بهاء الدين السبكي: وبهذا يتضح الجواب عما يورد، نحو «علم الله كذا»، فإن علم الله لا يتجدد، وكذا سائر الصفات الدائمة التي يستعمل فيها الفعل، وجوابه أن معنى (علم الله كذا) وقع علمه في الزمن الماضي، ولا يلزم أنه لم يكن قبل كذلك، فإن العلم في زمن ماضٍ أعم من المستمر على الدوام قبل ذلك الزمن وبعده وغيره، ولهذا قال تعالى حكاية عن إبراهيم:«الذي خلقني فهو يهدين ... » الآيات [الشعراء: ٧٨ - ٨٠]، فأتى بالماضي في الخلق، لأنه مفروغ منه، وبالمضارع في الهداية والإطعام والإسقاء والشفاء، لأنها متكررة متجددة تقع مرة بعد مرة أخرى.
الثاني: مضمر الفعل فيما ذكر كمظهره، ولهذا قالوا: إن سلام الخليل أبلغ من سلام الملائكة، حيث «قالوا سلما قال سلم»[هود: ٦٩]، فإن نصب «سلاماً» إنما يكون على إرادة الفعل، أي: سلمنا سلاماً، وهذه العبارة [مؤذنة] بحدوث التسليم منهم، إذ الفعل متأخر عن وجود الفاعل، بخلاف سلام إبراهيم، فإنه مرتفع بالابتداء، فاقتضى الثبوت على الإطلاق، وهو أولى