رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غير أن [قدموا] منه شيئا، أو أخروا، أو وضعوا له ترتيبا لم يأخذوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقن أصحابه ما أنزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل إياه على ذلك، وإعلامه عند نزول كل آية، أن هذه الآية تكتب عقيب آية كذا في سورة كذا.
فثبت أن سعي الصحابة رضي الله عنهم كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه، فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب، أنزله الله- جل شأنه- جملة إلى السماء الدنيا، ثم كان ينزله مفرقا عند الحاجة، وترتيب النزول غير ترتيب التلاوة. انتهى.
وأما ترتيب السور: فاختلفوا فيه، هل هو توقيفي؟ أو باجتهاد؟ فذهب إلى الأول جمع، وإلى الثاني جمع، والأول أوجه.
قال الزركشي في "البرهان": والخلاف بين الفريقين لفظي؛ لأن القائل بالثاني يقول إنه رمز إليهم بذلك، لعلمهم بأسباب نزوله، ومواقع كلماته؛ ولهذا قال مالك: إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعون من