والمراد بإنزال الكتب على الرسل أن يتلقفها الملك من الله تعالى تلقفاً روحانياً أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها فيلقيها عليهم. انتهى.
تنبيه:
إنزال القرآن على ثلاثة أقسام:
إنزال الله سبحانه بتلقي الملك، وإنزاله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وإنزاله من السماء الدنيا، وإنزاله من السماء الدنيا على النبي صلى الله عليه وسلم.
ومعنى الإنزال في كل من هذه المعاني متحقق في الآخرين على الحقيقة، فإن موضع اللوح أعلى من السماء الدنيا، فصدق عليه النزول، والسماء الدنيا أعلى من الأرض، فصدق عليه النزول بالمعنى اللغوي. بقي المعنى الأول، وهو أن الجهة مستحيلة في حقه سبحانه وتعالى.
وأقول: الجواب عن ذلك: أن معنى إنزاله محمول على المعنى المجازي، وهو أن الموجودات لما كانت من حيث هي قسمان: واجب وهو الله سبحانه وتعالى، وممكن وهو ما سواه، ورتبة الواجب سبحانه وتعالى أعلى، فنزول القرآن من الإيجاب إلى ظهور الإمكان نزول رتبي، فإنه بعد أن كان ظهوره عند الحق سبحانه ليس ظاهراً في الإمكان، ثم نزل من عالم الوجوب وظهر في عالم الإمكان، فصدق عليه النزول.